للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تروى على أوجهٍ متعددةٍ، قد يكون أصلها حديثا واحدا أخطأ فيه الراوي، فرواه على وجه آخر، وحينئذٍ على الناقد أن ينظر في هذه الأحاديث فيوازن بينها؛ هل هي حديث واحد، أو أحاديثُ متغايرة، كما هو صنيع نقاد أئمة الحديث من المتقدمين، بخلاف كثيرٍ من الفقهاء وممن تأخر من أهل الحديث، الذين يعتبرون في كثيرٍ من الأحيان كلّ وجهٍ حديثاً مستقلاً.

ومن الأمثلة على ذلك:

١ - ما قاله في باب ما جاء في القراءة خلف الإمام: (حدثنا هناد، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: صلى رسول الله الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: "إني أراكم تتقرؤون وراء إمامكم"، قال: قلنا: يا رسول الله، إي والله، قال: "فلا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".

قال: حديث عبادة حديث حسن.

وروى هذا الحديث الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، عن النبي قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وهذا أصح) (١).

قلت: بيّن أبو عيسى أن هذين الطريقين هما في الأصل حديثٌ واحدٌ، وبالتالي لا بد من الترجيح بين الطريقين، وعندئذٍ تكون طريق الزهري أصح، بينما غيره ذهب إلى أنهما حديثان.

٢ - ومثل هذا: ما جاء في باب ما جاء أن صلاة القاعد على النصف


(١) (١/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>