وكما أن أبا عيسى يقتصد في حكمه على الرواة، فإنه يفعل ذلك أيضا في حكمه على الحديث، ومن الأمثلة على ذلك:
١ - قال ﵀: (حدثنا يحيى بن موسى وعبد بن حميد، قالا: حدثنا روح بن عبادة، عن موسى بن عبيدة، أخبرني مولى ابن سباع، قال: سمعت عبد الله بن عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند رسول الله ﷺ، فأنزلت عليه هذه الآية: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [النساء: ١٢٣]، فقال رسول الله ﷺ:"يا أبا بكر، ألا أقرئك آية أنزلت علي؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأقرأنيها، فلا أعلم إلا أني وجدت في ظهري انقصاما، فتمطأت لها، فقال رسول الله ﷺ:"ما شأنك يا أبا بكر؟ " قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، وأينا لم يعمل سوءا؟ وإنا لمجزيون بما عملنا؟ فقال رسول الله ﷺ:"أما أنت يا أبا بكر والمؤمنون، فتجزون بذلك في الدنيا، حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة".
هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، موسى بن عبيدة يضعف في الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد، وأحمد بن حنبل، ومولى ابن سباع مجهول، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس له إسناد صحيح أيضا) (١).
قلت: فهذا الحديث قد قال عنه: غريب وفي إسناده مقال، مع أن إسناده شديد الضعف؛ لأن موسى بن عبيدة واهي الحديث، وإن كان من أهل الفضل، وهذا لا يخفى على أبي عيسى بدليل نقله لكلام الحفّاظ فيه، وقد قال عنه أحمد بن حنبل - الذي نقل عنه أبو عيسى تضعيفه -: ما تحل