للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصحابة لم يكونوا يفعلون شيئًا من ذلك، ولكن ذكر النبي أمرًا خاصًّا بقوله: «إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا … » (١).

فعلم أن هذا وإن كان من الشيطان، لكن الرخصة فيه لهؤلاء لئلا يدعوهم إلى ما يفسد عليهم دينهم، إذ لا يمكن صرفهم عن كل ما تتقاضاه الطبائع من الباطل.

والشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فهي تحصِّل أعظم المصلحتين بفوات أدناهما، وتدفع أعظم الفسادين باحتمال أدناهما، فإذا وصف المحتمل بما فيه من الفساد مثل كونه من عمل الشيطان، لم يمنع ذلك أن يكون قد وقع به ما هو أحب إلى الشيطان منه، ويكون إقرارهم على ذلك من المشروع، فهذا أصل ينبغي التفطنُ له).

وبين أن العمل ينهى عنه وإن كان الغرض منه مشروعًا لوجود مفسدة راجحة، فقال أيضًا (٢): (وبعض الناس يقصد الدعاء عند الأوثان والكنائس وغير ذلك، ويدعو التماثيل التي في الكنائس، ويحصل ما يحصل من غرضه.

وبعض الناس يدعو بأدعية محرمة باتفاق المسلمين، ويحصل ما يحصل من غرضه.

فحصول الغرض ببعض الأمور لا يستلزم إباحتَه، وإن كان الغرض مباحًا، فإن ذلك الفعل قد يكون فيه مفسدة راجحة على مصلحته.


(١) أخرجه البخاري برقم (٩٥٢) ومسلم برقم (٨٩٢) من حديث عائشة .
(٢) ينظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، ابن تيمية (١/ ٢٠٠).

<<  <   >  >>