للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة السادسة عشر: كلُّ ما سُكت عن إيجابه أو تحريمه فهو عفوٌ عفا عنه لعباده

هذه قاعدة كلية نافعة، تنبني عليها كثير من المسائل، وتدخل في كثير من أبواب الفقه وبخاصة ما يتعلق بالمعاملات.

ودليل هذه القاعدة قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [المائدة: ١٠١].

قال الإمام ابن القيم (١): (وقد اختلف في هذه الأشياء المسؤول عنها: هل هي أحكام قدرية أو أحكام شرعية؟ على قولين:

فقيل: إنها أحكام شرعية عفا الله عنها، أي: سكت عن تحريمها فيكون سؤالهم عنها سبب تحريمها، ولو لم يسألوا لكانت عفوًا، ومنه قوله وقد سئل عن الحج أفي كل عام؟ فقال: «لو قلت نعم لوجبت، ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم» (٢)؛ ويدل على هذا التأويل حديث أبي ثعلبة المذكور: «إن أعظم المسلمين في المسلمين جرمًا … » الحديث (٣)؟.

ومنه الحديث الآخر: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة من غير نسيان فلا


(١) ينظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (١/ ٥٧).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٧٢٨٨)، ومسلم برقم (١٣٣٧).
(٣) هذا الحديث عن سعد بن أبي وقاص ، أن النبي قال: «إن أعظم المسلمين جرمًا، من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته». أخرجه البخاري برقم (٧٢٨٩).

<<  <   >  >>