للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة الثامنة والثلاثون: الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا

وهذه أيضًا من القواعد الفقهية المهمة، وقد ذكرها الإمام ابن القيم وبين أن الشريعة مبنية عليها، وذكر أمثلة عديدة تدل عليها، وبين كذلك أثر النية في الحكم، فقال (١): (ولهذا إذا علق الشارع حكمًا بسبب أو علة زال ذلك الحكم بزوالها، كالخمر علق بها حكم التنجيس وجوب الحدِّ لوصف الإسكار، فإذا زال عنها وصارت خلًّا زال الحكم.

وكذلك وصف الفسق علق عليه المنع من قبول الشهادة والرواية، فإذا زال الوصف زال الحكم الذي علَّق عليه.

وكذلك السَّفه والصغر والجنون والإغماء تزول الأحكام المعلقة عليها بزوالها، والشريعة مبنية على هذه القاعدة.

حكم الحالف على أمر لا يفعله فزال السبب:

فهكذا الحالف إذا حلف على أمر لا يفعله لسبب فزال السبب لم يحنث بفعله؛ لأن يمينه تعلَّقت به لذلك الوصف، فإذا زال الوصف زال تعلق اليمين.

فإذا دُعي إلى شراب مسكر ليشربه فحلف ألا يشربه، فانقلب خلًّا فشربه لم يحنث، فإنَّ منْعَ نفسِه منه نظير منع الشارع، فإذا زال منع الشارع بانقلابه خلًّا، وجب أن يزول منعُ نفسه بذلك، والتفريق بين الأمرين تحكّم محضٌ لا وجه له؛ فإذا كان التحريم والتنجيس ووجوب الإراقة ووجوب الحد وثبوت الفسق قد زال بزوال سببه، فما الموجب لبقاء المنع في صورة اليمين وقد زال سببه؟


(١) ينظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٥/ ٥٢٨ - ٥٣٥).

<<  <   >  >>