للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قواعد الفقه: فهي عبارة عن المسائل التي تندرج تحتها أحكام الفقه نفسه، ليصل المجتهد إليها بناء على تلك القضايا المبينة في أصول الفقه، ثم إن الفقيه إن أوردها أحكامًا جزئية فليست قواعد، وإن ذكرها في صور قضايا كلية تندرج تحتها الأحكام الجزئية فهي القواعد.

وكل منهما -القواعد الكلية والأحكام الجزئية- داخل في مدلول الفقه على وجه الحقيقة، وكل منهما متوقف عند المجتهد على دراسة الأصول التي يبني عليها كل ذلك) (١).

[ثالثا: أهمية القواعد الفقهية]

قال الإمام القرافي (٢): (وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه، ويشرف ويظهر رونق الفقه ويعرف، وتتضح مناهج الفتاوى وتكشف، فيها تنافس العلماء وتفاضل الفضلاء، وبرز القَارحُ على الجَذَعِ (٣)، وحاز قصب السبق من فيها برع.

ومن جعل يُخَرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طلب مناها.


(١) ينظر: المدخل إلى دراسة المذاهب الفقهية، عبد الوهاب (ص ٣٣٢).
(٢) ينظر: الفروق، القرافي (١/ ٣).
(٣) القارح من الخيل: ما أكمل خمس سنين، والجَذَع من الخيل: ما استكمل أربعة أعوام ودخل في الخامسة، والمعنى: غلب القوي الضعيف، ويقابله في المعنى: البازل من الإبل: ما أكمل خمس سنين، والجَذَع من الإبل: ما استكمل أربعة أعوام ودخل في الخامسة. ينظر: تاج العروس، الزبيدي (٧/ ٤٧)، معجم متن اللغة، أحمد رضا (٤/ ٥٢٣).

<<  <   >  >>