للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لاندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض عند غيره وتناسب، وأجاب الشاسع البعيد وتقارب، وحصَّل طِلْبتَه في أقرب الأزمان، وانشرح صدره لما أشرق فيه من البيان، فبين المقامين شأوٌ بعيد (١)، وبين المنزلتين تفاوتٌ شديد).

وقد لخص بعض الباحثين أهمية دراسة القواعد الفقهية في النقاط التالية (٢):

(أولاً: أنها تضبط المسائل الفقهية المنتشرة المتعددة، وتنظمها في سلك واحد مما يمكِّن من إدراك الروابط والصفات الجامعة بين الجزيئات المتفرقة، فهي كما قال ابن رجب (٣):

(فهذه قواعد مهمة وفوائد جمة، تضبط للفقيه أصول المذهب، وتطلعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد تغيَّب، وتنْظم له منثور المسائل في سلك واحد، وتقيد له الشوارد، وتقرب عليه كل متباعد).

ثانيًا: أن ضبطها يُيَسِّر على الفقيه ضبط الفقه بأحكامه، ويغنيه عن حفظ أكثر الجزئيات؛ إذ إن حفظ جزئيات الفقه وفروعه يستحيل أن يقدر عليه إنسان خلافًا للقواعد، فإن حفظها وإن كَثُرَت داخلٌ تحت الإمكان؛ ولذا قال القرافي يرحمه الله: (من ضبط الفقه بقواعده، استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات؛ لاندراجها في الكليات).


(١) الشأو: الغاية والأمد والطموح والهمة. ينظر: الصحاح، الفارابي (٦/ ٢٣٨٨)، تهذيب اللغة، الهروي (١١/ ٣٠٥).
(٢) ينظر: مجموعة الفوائد البهية، القحطاني (ص ٦).
(٣) ينظر: القواعد لابن رجب (ص ٣).

<<  <   >  >>