للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القاعدة الثلاثون: ينكر في مسائل الخلاف، ولا ينكر في مسائل الاجتهاد]

ناقش الإمام ابن القيم قاعدة: (لا إنكار في مسائل الخلاف) التي اعتمدها بعض فقهاء المذاهب وبين عدم صحتها، وأن أغلب الأئمة والفقهاء لا يصححونها، وذكر كثيرًا من المسائل التي أنكرها الأئمة على أصحابها؛ مع أنها تعد من المسائل الخلافية، وذكر أن الصواب هو عدم الإنكار في مسائل الاجتهاد، وأوضح الفرق بين اللفظين، فقال أثناء حديثه عن الحيل (١):

(وقد اتفق السلف على أنها بدعة محدثة؛ فلا يجوز تقليد من يفتي بها، ويجب نقض حكمه، ولا يجوز الدلالة للمقلد على من يفتي بها، وقد نصَّ الإمام أحمد على ذلك كله، ولا خلاف في ذلك بين الأئمة، كما أن المكيين والكوفيين لا يجوز تقليدهم في مسألة المتعة والصرفِ والنبيذ (٢).

ولا يجوز تقليدُ بعض المدنيين في مسألة الحشوش وإتيان النساء في أدبارهن (٣)، بل عند فقهاء الحديث أن من شرب النبيذ المختلف فيه حُدَّ، وهذا فوق الإنكار باللسان، بل عند فقهاء أهل المدينة يفسق، ولا تقبل شهادته، وهذا


(١) ينظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٥/ ٢٤١)، وينظر: الفتاوى الكبرى، ابن تيمية (٦/ ٩٦).
(٢) قال ابن عبد البر في التمهيد (١٠/ ١١٥): (وقد كان العلماء قديمًا وحديثًا يحذرون الناس من مذهب المكيين أصحاب ابن عباس ومن سلك سبيلهم في المتعة والصرف، ويحذرون الناس من مذهب الكوفيين أصحاب ابن مسعود ومن سلك سبيلهم في النبيذ الشديد، ويحذرون الناس من مذهب أهل المدينة في الغناء، وقد روي عن النبي في تحريم نكاح المتعة مما قد ذكرناه ما فيه شفاء، وليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله .
(٣) مسألة الحشوش: هي مسألة إتيان النساء في أدبارهن، فالعطف للتفسير.

<<  <   >  >>