للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القاعدة الثالثة: المشقة تجلب التيسير]

يعني: أن الصعوبة التي تصادف في شيء تكون سببًا باعثًا على تسهيل وتهوين ذلك الشيء. وبعبارة أخرى يجب التوسيع وقت الضيق، حتى لا يقع الناس في الحرج والمشقة.

ومن هنا كانت التسهيلات الشرعية بتجويز عقود القرض، والحوالة، والحجز، والوصية، والسلم، وإقالة البيع، والرهن، والإبراء، والشركة، والصلح، والوكالة، والإجارة، والمزارعة، والمساقاة، وشركة المضاربة، والعارية، والوديعة كلها مستندة على هذه القاعدة، وقد صار تجويزها دفعًا للمشقة وجلبًا للتيسير وتسمى: (رُخَصًا).

وفي حديث أَبِي قَتَادَةَ ، قَالَ: قال رسول الله فِي الهِرَّةِ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» (١).

وقد ذكر الشيخ السعدي أن هذا الحديث يدل على هذه القاعدة العظيمة، فقال (٢): (وذلك أصل كبير من أصول الشريعة، من جملته: أن هذه الأشياء التي يشق التحرز منها طاهرة، لا يجب غسلُ ما باشرت بفيها أو يدها أو رجلها، لأنه علل ذلك بقوله: «إنها من الطوافين عليكم والطوافات»، كما أباح الاستجمار في محل الخارج من السبيلين، ومسح ما أصابته النجاسة من النعلين


(١) أخرجه أبو داود برقم (٧٥)، والترمذي برقم (٩٢)، والنسائي برقم (٦٨)، وأحمد في المسند برقم (٢٢٦٣٦)، وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح).
(٢) ينظر: بهجة قلوب الأبرار، السعدي (ص ٦٤).

<<  <   >  >>