[القاعدة السادسة والثلاثون: جاءت الشريعة بالتسوية بين المتماثلين وإلحاق النظير بنظيره، واعتبار الشيء بمثله، والتفرقة بين المختلفين وعدم تسوية أحدهما بالآخر]
فنظام الشريعة يدل على ذلك، ويأبى غيره، لأن هذا هو الحقُّ والعدل الذي يتناسب مع هذه الشريعة الغراء، وهي منزهة عن ضد ذلك من التسوية بين المختلفين والتفرقة بين المتماثلين.
قال ابن القيم ﵀(١): (وأما أحكامُه الأمرية الشرعية فكلُّها هكذا، تجدها مشتملةً على التسوية بين المتماثلين، وإلحاق النظير بنظيره، واعتبار الشيء بمثله، والتفريق بين المختلفين، وعدم تسوية أحدهما بالآخر.
وشريعته سبحانه مُنَزَّهة أن تنهى عن شيء لمفسدة فيه، ثم تُبيح ما هو مشتملٌ على تلك المفسدة أو مثلها أو أزيدَ منها، فمن جَوَّز ذلك على الشريعة فما عرفها حقَّ معرفتها؛ ولا قدَّرها حَقَّ قدرها.
وكيف يُظَنُّ بالشريعة أنها تبيح شيئًا لحاجة المكلف إليه ومصلحته، ثم تحرِّم ما هو أحوج إليه، والمصلحة في إباحته أظهر، وهذا من أمْحَل المحال.
لا يشرع اللَّه الحيل التي تسقط الواجب وتبيح المحرم:
ولذلك كان من المستحيل أن يَشْرَعَ اللَّه ورسوله ﷺ من الحِيَل ما يُسْقِط به ما أوجبه، أو يبيح به ما حَرَّمه، ولَعَنَ فاعله، وآذنه بحربه وحرب رسوله ﷺ، وشَدّد فيه الوعيد؛ لما تضمنه من المفسدة في الدنيا والدين، ثم
(١) ينظر: إعلام الموقعين، ابن القيم (٢/ ٣٣٠ - ٣٣٣).