للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القاعدة السابعة: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح]

هذه القاعدة فرع عن القاعدة السابقة، فإذا تعارض مفسدة ومصلحة، قُدِّم دفع المفسدة غالبًا، وذلك عند تساويهما في النظر، أو عند غلبة المفسدة، لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات.

ولذلك قال : «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» (١).

ومن ثم سومح في ترك بعض الواجبات دفعًا للمشقة؛ كالقيام في الصلاة، والفطر والطهارة، ولم يسامح في الإقدام على المنهيات: وخصوصًا الكبائر (٢).

والمراد بدرء المفاسد: دفعُها ورفعُها وإزالتها.

ومن أدلة ثبوت هذه القاعدة:

* قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام: ١٠٨]، قال الإمام ابن كثير (٣):

(يقول تعالى ناهيًا لرسوله والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة، إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسبِّ إله المؤمنين، وهو الله لا إله إلا هو، كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الآية: قالوا: يا محمد، لتنتهين عن سبِّك آلهتنا، أو


(١) أخرجه البخاري برقم (٧٢٨٨)، ومسلم برقم (١٣٣٧)، عن أبي هريرة .
(٢) ينظر: الأشباه والنظائر، السيوطي (ص ٨٧).
(٣) ينظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٣١٤).

<<  <   >  >>