للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لنهجُوَنَّ ربك، فنهاهم الله أن يسبوا أوثانهم، ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾، وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فيسبُّ الكفار اللهَ عدْوًا بغير علم، فأنزل الله: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.

* ومن الأدلة كذلك: قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ [البقرة: ٢١٩].

فعلى الرغم من وجود بعض المنافع لبعض الناس في شرب الخمر والاتجار بها، وكذلك في لعب الميسر، إلا أنه غلَّب جانب المفسدة فحرمهما، وعلل ذلك بأن الإثم فيهما كبير وهو أكبر من النفع الجزئي الحاصل لبعض الناس، قال الإمام ابن كثير (١):

(وقوله: ﴿قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾: أما إثمهما فهو في الدين، وأما المنافع فدنيوية، من حيث إن فيها نفع البدن، وتهضيم الطعام، وإخراج الفضلات، وتشحيذ بعض الأذهان، ولذة الشدة المطربة التي فيها، كما قال حسان بن ثابت في جاهليته:

ونشربُها فتتركنا ملوكًا … وأسْدًا لا ينهنهها اللقاءُ

وكذا بيعُها والانتفاع بثمنها، وما كان يقمِّشه بعضُهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله، ولكن هذه المصالح لا توازي مضرتَه ومفسدته الراجحة، لتعلقها بالعقل والدين، ولهذا قال: ﴿وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾؛ ولهذا كانت هذه الآية ممهدة لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرحة بل معرِّضة؛


(١) ينظر: تفسير ابن كثير (١/ ٥٧٩).

<<  <   >  >>