للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القاعدة الرابعة عشر: متى أمكن الدفع بأسهل الوجوه لم يعدل إلى أصعبها]

من الأمثلة على هذه القاعدة قوله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ٣٤].

فلا يجوز عند خوف النشوز أن يبدأ بالضرب أو بالهجران، ولكن يبدأ بما بدأ الله به من الموعظة والتنبيه والتحذير، وهذا مذهب الإمام أحمد .

قال ابن الجوزي (١): (ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز، قال القاضي أبو يعلى: وعلى هذا مذهب أحمد، وقال الشافعي: يجوز ضربها في ابتداء النشوز. وقال القرطبي (٢): أمر الله أن يبدأ النساء بالموعظة أولًا، ثم بالهجران، فإن لم ينجعا فالضرب، فإنه هو الذي يصلحها له، ويحملها على توفية حقه.

والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرِّح، وهو الذي لا يكسر عظمًا، ولا يشين جارحة، كاللكزة ونحوها، فإن المقصود منه الصلاح لا غير، فلا جرم إذا أدى إلى الهلاك وجب الضمان، وكذلك القول في ضرب المؤدب غلامَه لتعليم القرآن والأدب).

وقد ذكر السبكي هذه القاعدة في الأشباه والنظائر، واستثنى منها


(١) ينظر: زاد المسير (١/ ٤٠٢).
(٢) ينظر: تفسير القرطبي (٥/ ١٧٢).

<<  <   >  >>