للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القاعدة الثالثة والعشرون: الأصل عدم الإيثار بالقرب]

اختلفت أقوال الفقهاء في هذه القاعدة:

فمنهم: من رأى كراهة الإيثار بالقرب مطلقًا. ومنهم: من رأى التحريم. ومنهم: من رأى أنه خلاف الأولى. ومنهم: من رأى الجواز.

ولكنهم اتفقوا: على أن الأصل هو عدم الإيثار بالقرب.

قال ابن الملقن في التوضيح (١): (وعند أصحابنا لا يجوز الإيثار بالقرب، وإنما الإيثار المحمود ما كان من حظ النفوس دون الطاعات، فيكره أن يؤثر غيره بموضعه من الصف الأول وكذا نظائره).

وكان ابن عمر إذا قام له رجل عن مجلسه لم يجلس فيه (٢)، قال النووي في شرح مسلم (٣): (فهذا ورع منه، وليس قعوده فيه حرامًا إذا قام برضاه، لكنه تورع عنه لوجهين:

أحدهما: أنه ربما استحى منه إنسان فقام له من مجلسه من غير طيب قلبه، فسد ابن عمر الباب ليسلم من هذا.


(١) ينظر: التوضيح (١٥/ ٣١٤).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٦٢٧٠)، عن ابن عمر ، عن النبي : أنه نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر، ولكن تفسحوا وتوسعوا، وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه. وأخرجه مسلم برقم (٢١٧٧)، عن سالم، عن ابن عمر ، أن النبي قال: «لا يقيمن أحدكم أخاه، ثم يجلس في مجلسه»، وكان ابن عمر ، إذا قام له رجل عن مجلسه، لم يجلس فيه.
(٣) ينظر: شرح النووي على مسلم (١٤/ ١٦١).

<<  <   >  >>