للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: أن الإيثار بالقرب مكروه أو خلاف الأولى، فكان ابن عمر يمتنع من ذلك لئلا يرتكب أحد بسببه مكروهًا أو خلاف الأولى؛ بأن يتأخر عن موضعه من الصف الأول ويؤثره به، وشبه ذلك قال أصحابنا، وإنما يحمد الإيثار بحظوظ النفوس وأمور الدنيا دون القرب، والله أعلم).

وذكر الإمام ابن رجب في فتح الباري (١) أنه: (إن قام أحد من الصف تبرعًا وآثر الداخل بمكانه، فهل يكره ذلك، أم لا؟

إن انتقل إلى مكان أفضل منه لم يكره، وإن انتقل إلى ما دونه فكرهه الشافعية.

وقال أحمد فيمن تأخر عن الصف الأول، وقدم أباه فيه: هو يقدر أن يبرَّ أباه بغير هذا. وظاهره: الكراهة، وأنه يكره الإيثار بالقرب.

وأما الموثَر، فهل يكره له أن يجلس في المكان الذي أُوثر به؟

فيهِ قولان مشهوران.

أشهرهما: لا يكره، وهو قولُ أصحابنا والشافعية وغيرهم.

والثاني: يكره، وكان ابن عمر لا يفعل ذلك، وكذلك أبو بكرة.

وخَّرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر، قال: جاء رجل إلى رسول الله ، فقام له رجل من مجلسه، فذهب ليجلس فيه، فنهاه النبي (٢).


(١) ينظر: فتح الباري (٨/ ٢١١).
(٢) أخرجه أبو داود برقم (٤٨٢٨)، وأحمد في المسند برقم (٥٥٦٧)، وحسنه الألباني.

<<  <   >  >>