للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاعدة الخامسة: العادة محكَّمة

العادة: هي اطرادُ وقوع الشيء دائمًا، أو في وقت دون وقت:

فالأول: كدوران الشمس والنجوم في أفلاكها، كما قال : ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ﴾ [إبراهيم: ٣٣].

والثاني: كطلوعها من المشرق، وغروبها في المغرب، وكوقوع المطر في الشتاء، وزيادة نيل مصر في أيامه، وأشباه ذلك، حتى لو قال قائل: دليل نبوتي أن الشمس لا تطلع اليوم من المشرق، أو أنها لا تغرب في المغرب، بل تجول في أطراف الفلك ونحو ذلك، فوقع الأمر كما قال، لدلَّ ذلك على صدقه، وما ذاك إلا لانخراق العادة المطردةِ على يديه (١).

يعني: أن العادة عامة كانت أو خاصة تُجعل حَكَمًا لإثبات حكم شرعي لم ينص على خلافه بخصوصه، فلو لم يرِد نصٌّ يخالفها أصلا، أو ورد ولكن عامًّا، فإن العادة تعتبر (٢).

فقولهم: العادة محكَّمة: أي: معمولٌ بها شرعًا.

(يعني الفقهاء بهذه القاعدة: أنه يُرجع في تحديد المراد من بعض الألفاظ الشرعية، والألفاظ التي يتعامل بها الناس، وبناء الأحكام الشرعية عليها إلى عادة الناس وما تعارفوا عليه، وذلك إذا لم يرد الشرعُ بتحديده، ولم يتضمن المعنى اللغوي للفظ تحديدًا وتقديرًا له. قال السبكي: واشتهر عند الفقهاء أن ما


(١) ينظر: شرح مختصر الروضة، الصرصري (٣/ ١٥٠).
(٢) ينظر: شرح القواعد الفقهية، أحمد الزرقا (ص ٢١٩).

<<  <   >  >>