للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن هذه الأصول ممهَّدة في الكتاب والسنة وكلام العلماء والعارفين وليس الغرض هنا تقريرها؛ وإنما الغرض شيء آخر، وهو أنه إذا كان التكليف مشروطًا بالتمكن من العلم الذي أصله العقل، وبالقدرة على الفعل فنقول: كلٌّ من هذين قد يزول بأسباب محظورة وبأسباب غير محظورة، فإذا أزال عقله بشرب الخمر أو البنج ونحوهما، لم يزل عليه بذلك إثم ما يتركه من الواجبات ويفعله من المحرمات، إذا كان السُّكر يقتضي ذلك؛ بخلاف ما إذا زال بسبب غير محرم كالإغماء لمرض أو خوف، أو سكِر بشرب غير محرم مثل أن يجرع الخمر مكرهًا، فإن هذا لا إثم عليه.

وأما قضاء الصلاة عليه عند أحمد وعند من يقول: يقضي صلاة يوم وليلة، فذاك نظير وجوب قضائها على النائم والناسي ولا إثم عليهما، كما قال النبي : «ليس في النوم تفريط وإنما التفريط في اليقظة» (١)، وقال: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها؛ فإن ذلك وقتها لا كفارة لها إلا ذلك» (٢).

وكذلك قدرة العبد، فإنه لو فرط بعد وجوب الحج عليه حتى ضيع ماله بقي الحج في ذمته، وكذلك في استحلال المحرمات، قال الله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: ١٧٣].

فالضرورة بسبب محظور لا تستباح بها المحرمات؛ بخلاف الضرورة التي هي بسبب غير محظور).


(١) أخرجه مسلم بنحوه برقم (٦٨١)، وأخرجه بلفظه أبو داود برقم (٤٤١)، والترمذي برقم (١٧٧)، والنسائي برقم (٦١٥)، وابن ماجه برقم (٦٩٨)، عن أبي قتادة .
(٢) أخرجه البخاري برقم (٥٩٧)، ومسلم برقم (٦٨٤)، عن أنس بن مالك ، ولفظ البخاري: «من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك»، ولفظ مسلم: «من نسي صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها».

<<  <   >  >>