للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابتدعوها ما كتبناها عليهم» (١)، وقال: «لا رهبانية في الإسلام» (٢)، وقال «لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، وآكل اللحم؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني» (٣)، وقال: «إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» (٤)، وروي عنه أنه قال: «بعثت بالحنيفية السمحة» (٥).

وأما كون الإنسان مريدًا لما أُمر به أو كارهًا له، فهذا لا تلتفت إليه الشرائع، بل ولا أيُّ عاقل، بل الإنسان مأمور بمخالفة هواه.

والإرادة هي الفارقة بين أهل الجنة وأهل النار، كما قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (١٨) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا﴾ [الإسراء: ١٨ - ١٩]، وقال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا﴾ [القصص: ٨٣]، وقال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾ [هود: ١٥]، الآية، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الأنعام: ٥٢]، ونظائره كثيرة.


(١) أخرجه أبو داود برقم (٤٩٠٤).
(٢) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١١١): (وأما حديث: «لا رهبانية في الإسلام»؛ فلم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني: «إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة»، وعن ابن عباس رفعه: «لا صرورة في الإسلام»، أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم)، وقال البغوي في شرح السنة (٢/ ٣٧١): (ويروى: «لا رهبانية في الإسلام»، وذلك مثل الاختصاء، واعتناق السلاسل، وما أشبه ذلك مما كانت الرهبانية تتكلفه وتبتدعه، وُضعت عن هذه الأمة).
(٣) أخرجه البخاري برقم (٥٠٦٣)، ومسلم برقم (١٤٠١)، من حديث أنس .
(٤) أخرجه أحمد في المسند برقم (٥٨٦٦) عن ابن عمر .
(٥) أخرجه أحمد في المسند برقم (٢١٠٧)، والبخاري في الأدب المفرد برقم (٢٨٧)، وصححه الألباني كما في السلسلة الصحيحة برقم (٨٨١).

<<  <   >  >>