للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يردُّ قول من قال: لا إنكار في المسائل المختلف فيها، وهذا خلاف إجماع الأئمة، ولا يعلم إمام من أئمة الإسلام قال ذلك.

وقد نصَّ الإمام أحمد على أن من تزوج ابنته من الزنا يقتل، والشافعي وأحمد ومالك لا يرون خلاف أبي حنيفة فيمن تزوج أمَّه وابنته أنه يُدرأ عنه الحدُّ بشبهة دارِءةٍ للحد، بل عند الإمام أحمد يقتل (١)، وعند الشافعي ومالك يحدُّ حدَّ الزنا في هذا، مع أن القائلين بالمتعة والصرف معهم سنة وإن كانت منسوخة، وأرباب الحيل ليس معهم سنة، ولا أثر عن صاحب، ولا قياس صحيح.

خطأ قول من قال لا إنكار في المسائل الخلافية:

وقولهم: إن مسائل الخلاف لا إنكار فيها ليس بصحيح؛ فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول والفتوى أو العمل، أما الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعا شائعا وجب إنكاره اتفاقًا، وإن لم يكن كذلك فإن بيانَ ضعفِه ومخالفته للدليل إنكار مثله.

وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره بحسب درجات الإنكار، وكيف يقول فقيه لا إنكار في المسائل المختلف فيها والفقهاء من سائر الطوائف قد صرحوا بنقض حكم الحاكم إذا خالف كتابًا أو سنة وإن كان قد وافق فيه بعض العلماء.

وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ، لم يُنكر


(١) جاء في مسائل الإمام أحمد وإسحاق، الكوسج (٤/ ١٥٤١)، قال إسحاق بن منصور : (قُلْتُ: قيل له: -يعني: سفيان- رجلٌ تزوجَ امرأةً ذات محرمٍ وهو يعلمُ؟، قال: لا أرى عليه حدًّا، ولكن تعزيرًا، قال الإمام أحمد: قبَّح اللَّه تعالى هذا القول، قُلْتُ: أليس تقول: يقتل؟، قال: يقتل إذا كان على العمدِ، قال إسحاق: كما قال سواء).

<<  <   >  >>