قواعد مشتركة بين العلمين، ولكن تختلف فيهما زاوية النظر، حيث إن القاعدة الأصولية ينظر إليها من حيث كونها دليلًا إجماليًّا يستنبط منه حكم كلي، والقاعدة الفقهية ينظر إليها من حيث كونها حكمًا جزئيًّا لفعل من أفعال المكلفين.
فمثلًا قاعدة:(الاجتهاد لا ينقض بمثله أو بالاجتهاد):
ينظر إليها الأصولي من حيث كونها دليلًا يعتمد عليه في بيان عدم جواز نقض أحكام القضاة وفتاوى المفتين إذا تعلقت بها الأحكام على سبيل العموم والإجمال.
وينظر إليها الفقيه من حيث تعليل فعل من أفعال المكلفين، فيبين حكمه من خلالها.
فإذا حكم حاكم أو قاض بنقض حكمٍ في مسألة مجتهَدٍ فيها؛ كالخلع هل هو فسخٌ للعقد أو طلاق، وقد كان حكم حاكم في مسألة بعينها بأن الخلع فسخ، وأجاز العقد على امرأة خالعها زوجها ثلاث مرات أو بعد طلقتين، ثم جاء حاكم آخر فأراد التفريق بين الزوجين؛ لأنه يرى أن الخلع طلاق فيقال له: لا يجوز ذلك؛ لأن الاجتهاد لا ينقض بمثله.
ولكن لك في مسألة أخرى متشابهة أن تحكم فيها باجتهادك لا أن تنقض حكمك أو حكم غيرك في مسألة اجتهادية لا نصية.
(فالقواعد الفقهية تشبه أصول الفقه من ناحية، وتخالفها من ناحية أخرى.
أما جهة المتشابه: فهي أن كلًّا منهما قواعد تندرج تحتها جزئيات.
وأما جهة الاختلاف: فهي أن قواعد الأصول عبارة عن المسائل التي تشملها أنواع من الأدلة التفصيلة، يمكن استنباط التشريع منها.