يوضحه أن الحالف يعلم من نفسه أنه لم يمنعْها من شرب غير المسكر، ولم يخطر بباله، فإلزامه ببقاء حكم اليمين وقد زال سببها إلزامٌ له بما لم يلتزمه هو، ولا ألزمه به الشارع.
وكذلك لو حلف على رجل ألّا يقبل له قولًا ولا شهادة لما يعلم من فسقه، ثم تاب وصار من خيار الناس؛ فإنه يزول حكم المنع باليمين كما يزول حكم المنع من ذلك بالشرع.
وكذلك إذا حلف ألّا يأكل هذا الطعام، أو لا يلبس هذا الثوب، أو لا يكلِّم هذه المرأة ولا يطأها، لكونه لا يحلُّ له ذلك، فمَلَك الطعام والثوب وتزوج المرأة، فأكل الطعام ولبس الثوب ووطئ المرأة لم يحنث؛ لأن المنع بيمينه كالمنع بمنع الشارع، ومنع الشارع يزول بزوال الأسباب التي ترتب عليها المنع؛ فكذلك منع الحالف.
وكذلك إذا حَلَف: لا دَخلتُ هذه الدار، وكان سبب يمينه أنها تُعمل فيها المعاصي، وتشرب الخمر؛ فزال ذلك وعادت مجمعًا للصالحين وقراءة القرآن والحديث.
أو قال: لا أدخل هذا المكان؛ لأجل ما رأى فيه من المنكر، فصار بيتًا من بيوت اللَّه تعالى تُقام فيه الصلوات لم يحنث بدخوله.
وكذلك إذا حلف لا يأكل لفلان طعامًا، وكان سبب اليمين أنه يأكل الربا، ويأكل أموال الناس بالباطل؛ فتاب وخرج من المظالم، وصار طعامه من كسب يده أو تجارة مباحة لم يحنث بأكل طعامه، ويزول حكم منع اليمين كما يزول حكم منع الشارع.