للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبحثوا عنها» (١)، وفسرت بسؤالهم عن أشياء من الأحكام القدرية؛ كقول عبد الله بن حذافة: «من أبي يا رسول الله؟» (٢)، وقول الآخر: أين أبي يا رسول الله؟، قال: «في النار» (٣).

والتحقيق: أن الآية تعم النهي عن النوعين، وعلى هذا فقوله تعالى: ﴿إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾: أما في أحكام الخلق والقدر فإنه يسوءهم أن يبدو لهم ما يكرهونه مما سألوا عنه، وأما في أحكام التكليف فإنه يسوءهم أن يبدو لهم ما يشق عليهم تكليفه مما سألوا عنه.

وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾ فيه قولان:

أحدهما: أن القرآن إذا نزل بها ابتداء بغير سؤال فسألتم عن تفصيلها وعلمها أبدى لكم وبين لكم، والمراد بحين النزول زمنه المتصل به، لا الوقت المقارن للنزول.

وكأن في هذا إذنًا لهم في السؤال عن تفصيل المنزل ومعرفته بعد إنزاله؛ ففيه رفع لتوهم المنع من السؤال عن الأشياء مطلقًا.

والقول الثاني: أنه من باب التهديد والتحذير، أي: ما سألتم عنها في وقت نزول الوحي جاءكم بيان ما سألتم عنه بما يسوءكم، والمعنى لا تتعرضوا للسؤال عما يسوءكم بيانه، وإن تعرضتم له في زمن الوحي أبدى لكم.


(١) هذا حديث أبي ثعلبة الخشني ، أخرجه الدارقطني برقم (٤٣٩٦)، والطبراني في الكبير برقم (٥٨٩)، وفي الأوسط برقم (٧٤٦١)، وفي الصغير برقم (١١١١)، وفي مسند الشاميين، الطبراني برقم (٣٤٩٢)، وابن عساكر في معجمه برقم (١٢٣٢)، وقال: هذا حديث غريب ومكحول لم يسمع من أبي ثعلبة.
(٢) أخرجه البخاري برقم (٩٣)، ومسلم برقم (٢٣٥٩).
(٣) أخرجه مسلم برقم (٢٠٣).

<<  <   >  >>