للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعليق:

يدل هذا الحديث على أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله، وذلك مكفر لسيئاته ورافع لدرجاته، وأما الكافر فقليلها وإن وقع به شيء لم يكفر شيئًا من سيئاته، بل يأتي بها يوم القيامة كاملة (١).

قال الإمام ابن رجب في غاية النفع في شرح حديث تمثيل المؤمن بخامة الزرع (٢): (ففي هذا الحديث أن النبي ضرب مثل المؤمن في إصابة البلاء لجسده بخامة الزرع التي تفيئها الريح يمنة ويسرة. والخامة: الرطبة من النبات.

وَمَثَّل المنافق والفاجر بالأرزة وهي الشجرة العظيمة التي لا تحركها الرياح ولا تزعزعها حتى يرسل الله عليها ريحًا عاصفًا فتقتلعها من الأرض دفعة واحدة.

ففي هذا فضيلة عظيمة للمؤمن بابتلائه في الدنيا في جسده بأنواع البلاء، وتمييز له على الفاجر والمنافق بأنه لا يصيبه البلاء حتى يموت بحاله فيلقى الله بذنوبه كلها فيستحق العقوبة عليها.

والنصوص في تكفير ذنوب المؤمن بالبلاء والمصائب كثيرة جدًّا، ففي الصحيحين عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، عن النبي قال: «ما يصيب المؤمن: من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» (٣).

وفيهما أيضًا عن ابن مسعود عن النبي قال: «ما من


(١) ينظر: شرح النووي على مسلم (١٧/ ١٥٣).
(٢) ينظر: مجموع رسائل ابن رجب (١/ ٢١١ - ٢١٥) باختصار.
(٣) أخرجه البخاري (٥٦٤١، ٥٦٤٢)، ومسلم (٢٥٧٣).

<<  <   >  >>