للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعليق:

هذا حديث عظيم، يتعلق بمبتدأ الخلق ونهايته، وأحكام القدر في المبدأ والمعاد، جليلٌ حفيل (١).

والمراد: أن المني يقع في الرحم حين انزعاجه بالقوة الشهوانية الدافعة مبثوثًا متفرقًا، فيجمعه الله في محل الولادة من الرحم (٢).

قال ابن رجب (٣): (فهذا الحديث يدل على أنه يتقلب في مائة وعشرين يومًا، في ثلاثة أطوار، في كل أربعين يومًا منها يكون في طور، فيكون في الأربعين الأولى نطفة، ثم في الأربعين الثانية علقة، ثم في الأربعين الثالثة مضغة، ثم بعد المائة وعشرين يومًا ينفخ الملك فيه الروح، ويكتب له هذه الأربع الكلمات.

وقد ذكر الله تعالى في القرآن في مواضع كثيرة تقلب الجنين في هذه الأطوار، كقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الحج: ٥].

وذكر هذه الأطوار الثلاثة: النطفة والعلقة والمضغة في مواضع متعددة من القرآن، وفي مواضع أخر ذكر زيادة عليها، فقال في سورة المؤمنون: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٢ - ١٤].


(١) ينظر: المعين على تفهم الأربعين لابن الملقن (ص ٤١).
(٢) ذكره ابن حجر في الفتح (١١/ ٤٧٩)، ونسبه للقرطبي في المفهم.
(٣) ينظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (١/ ١٥٥).

<<  <   >  >>