الأمر فيه، حتى يكون القضاء النازل كأنه لم ينزل به، ويؤيده الحديث التالي:«إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل»(١).
أما نفعه مما نزل عليه، فصبره عليه، وتحمله له، رضاه به، حتى لا يكون في نزوله متمنيًا خلاف ما كان، وأما نفعُه مما لم ينزل، فهو أن يصرفه عنه، أو يمدُّه قبل النزول بتأييدٍ من عنده، حتى تخف معه أعباءُ ذلك إذا نزل به.
قال أبو حامد الغزالي ﵀: (فإن قيل: فما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مردَّ له؟ فاعلم أن من جملة القضاء ردَّ البلاء بالدعاء، فالدعاء سبب لرد البلاء، ووجود الرحمة، كما أن التُّرسَ سبب لدفع السلاح، والماء سبب لخروج النبات من الأرض، فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان، كذلك الدعاء والبلاء.
وليس من شرط الاعتراف بالقضاء ألَّا يحمل السلاح، وقد قال تعالى: ﴿وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٢]؛ فقدر الله تعالى الأمر وقدَّر سببه.
وفي الدعاء من الفوائد ما ذكرنا من حضور القلب، والافتقار، وهما نهاية العبادة والمعرفة.
قوله:«ولا يزيد في العمر إلا البر»: قيل: معناه إذا أبرَّ فلا يضيع عمرُه، فكأنه زاد. وقيل: يزاد في العمر حقيقةً، قال الله تعالى: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ [فاطر: ١١]، وقال تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩].
(١) أخرجه أحمد في المسند برقم (٢٢٠٤٤)، عن معاذ ﵁. وأخرجه الحاكم في المستدرك برقم (١٨١٥)، عن ابن عمر ﵄، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٤٦): رواه أحمد، والطبراني، وشهر بن حوشب لم يسمع من معاذ، ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة.