للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يجوز الاحتجاجُ بالقدر على ترك مأمور ولا على فعل محظور، فمَن فعل معصيةً لها عقوبة محدَّدة شرعًا، واعتذر عن فعله بأنَّ ذلك قدَرٌ، فإنَّه يُعاقَبُ بالعقوبة الشرعية، ويُقال له: إنَّ معاقبتَك بهذه العقوبة قدَرٌ أيضًا).

وقد ذكر العلماء التوفيق بين قوله : «لا يردُّ القضاءَ إلا الدعاء»، وقوله : «وَإِنَّ رَبِّي قَال: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي إِذَا قَضَيتُ قَضَاء فَإنَّهُ لَا يُرَدُّ» (١)، قالوا: (ويرتفع الإشكال بأن يقال إن القضاء الذي لا يرده دعاء ولا غيره هو الذي سبق علم الله تعالى بأنه لا بد من وقوعه والقضاء الذي يردُّه الدعاء أو صلة الرحم؛ هو الذي أظهره الله بالكتابة في اللوح المحفوظ الذي قال الله تعالى فيه: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]، والله أعلم) (٢).

ولذلك فقولهم: (اللهم إني لا أسألك ردَّ القضاء؛ بل أسألك اللطف فيه)، خطأ.

قال الشيخ ابن عثيمين (٣): (من العبارات المشهورة بين العامة مع أنها تخالف العقيدة الصحيحة قولهم: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه)، وهذا غلط مخالف للحديث، وهو قوله : «لا يرد القضاء إلا الدعاء»، وكم من شيء أراده الله ﷿ فرفعه بالدعاء، ألم تعلموا أن النبي قال في صلاة الكسوف: «إن الله يخوف عباده بذلك، فإذا


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٨٨٩) عن ثوبان .
(٢) ينظر: الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم للهرري (٢٦/ ٩٦).
(٣) ينظر: شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (٥/ ٣٤٦)، وفتح ذي الجلال والإكرام له أيضًا (٥/ ٤٩٧).

<<  <   >  >>