للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حذر النبي من تجاهل شكر الناس على ما يقدمونه من الخير والمعروف، لأن هذا التجاهل يؤدي إلى عزوف الناس عن فعل المعروف، وهذا خلل في العلاقات الاجتماعية، جاء الإسلام بإصلاحه، حتى تدوم المحبة والمودة بين الناس.

وهذا أيضًا دليل على عدم شكر نعمة الله ﷿، فإن الله أمر بشكر المحسن، فمن لم يشكره فقد ترك امتثال أمر الله، ومن ترك امتثال أمره لم يشكره (١).

قال الخطابي (٢): (هذا الكلام يُتَأوَّلُ على وجهين:

أحدهما: أن من كان طبعُه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم، كان من عادته كفران نعمة الله وترك الشكر له سبحانه.

والوجه الآخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه، إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم، لاتصال أحد الأمرين بالآخر).

ومن هذا الباب أيضًا ترك المرأة شكرَ نعمة الزوج ومعروفِه.

قال القاضي ابن العربي في شرح الموطأ (٣): (وقد أمر الله تعالى بشكر النعم، وقد جاء في الحديث: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس».

وكفر نعمة الزوج هو من باب كفر نعمة الله ﷿؛ لأن كل نعمةٍ تصل إليها أو يصل بها العشيرُ زوجَه (٤)، فمن نعمةِ اللهِ أجراها الله على يديه، وهو معنى


(١) ينظر: التنوير شرح الجامع الصغير للصنعاني (١٠/ ٤٢٩).
(٢) ينظر: معالم السنن للخطابي (٤/ ١١٣).
(٣) ينظر: المسالك في شرح موطأ مالك لأبي بكر بن العربي (٣/ ٢٩٤).
(٤) العشير: المخالط، من المعاشرة، ومنه قول الله ﷿: ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾ [الحج: ١٣].

<<  <   >  >>