للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا قالوا لأبيهم: أنت فعلت بنا هذا، قيل لهم: هذا كان مقدرًا عليكم، وأنتم مأمورون بالصبر على ما يصيبكم، والأب عاص لله فيما فعل من الظلم، أو الإنفاق في المعصية، ملوم على ذلك، لا يرتفع عنه الذم والعقاب بالقدر السابق.

فإن تاب توبة نصوحًا، وقبل الله توبته، وغفر له، لم يجُز ذمُّه حينئذ ولومُه بحال، لا من جهة حق الله، ولا من جهة المصيبة التي حصلت لغيره بفعله، إذ لم يكن هو ظالمًا لأولئك، فإن تلك المصيبة مقدرة عليهم.

وهذا مثل قصة آدم ، فإنه لم يظلم أولادَه، وإنما ولدوا بعد هبوطه من الجنة، وهبط هو وحواء، ولم يكن معهما أولاد، فلم يظلم أولاده ظلمًا يستوجب ملامَه منهم، وكونهم صاروا في الدنيا دون الجنة أمرٌ مقدَّر عليهم.

وهو قد تاب من ذنبه، كما قال تعالى: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾ [طه: ١٢١ - ١٢٢].

وموسى أعلم من أن يلومه على ذنب قد علم أنه تاب منه، وآدم أعلم من أن يحتج بالقدر على أن الذنبَ لا ملام عليه، وقد علم أن لعن إبليس بسبب ذنبه، وهو مقدَّر عليه.

ولو كان الاحتجاج بالقدر نافعًا من الذنب لفعله آدم ، ولكنه تاب من الذنب واستغفر ربه».

قال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله بعد أن ساق كلام شيخ الإسلام (١): (فتبين أن آدم حج موسى لما قصد موسى لوم آدم


(١) ينظر: شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري، الغنيمان (٢/ ٤٣٥ - ٤٣٨) باختصار.

<<  <   >  >>