للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا تَعُدُّوه … أي: ممن تُرجى له النجاة، لما هو عليه من العجب والرياء.

سنتي … طريقتي التي شرعتها.

التعليق:

معنى الحديث: أن الإنسان يبالغ في العبادة أو العمل أولًا، وكل مبالغ تسكن شرتُه وتفترُ مبالغته، فإن جعل صاحب الشِّرَّةِ عملَه متوسطًا من غير غلو ولا تفريط، وتجنب طرفي أفراط الشِّرةِ وتفريطَ الفترة، فأرجو له الفلاح والصلاح والخير، وإن لم يكن مشهورًا بين الناس، فإنه يمكنه الدوام على الوسط، و: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ» (١).

«وإن أشير إليه بالأصابع»، أي: اجتهد وبالغ في العمل ليصير مشهورًا بالعبادة والزهد بين الناس، وصار مشهورًا مشارًا إليه، «فلا تعدوه»، أي: لا تعتدوا به، ولا تحسبوه من الصالحين لكونه مرائيًا، ولم يقل: فلا ترجوه؛ إشارة إلى أنه قد سقط، ولم يمكنه تدارك ما فرط (٢).

قال الطيبي (٣): (إن لكل شيء من الأعمال الظاهرة والأخلاق الباطنة طرفين: إفراطًا وتفريطا، فالمحمود القصدُ بينهما، فإن رأيت أحدًا يسلك سبيل القصد، فأرجوه أن يكون من الفائزين ولا تقطعوا له؛ فإن الله هو الذي يتولى السرائر.

وإن رأيته يسلك سبيلَ الإفراط والغلوِّ حتى يشار إليه بالأصابع، فلا تفشو القولَ فيه بأنه من الخائنين؛ فإن الله هو الذي يطَّلع على الضمائر).


(١) أخرجه البخاري برقم (٦٤٦٤) ومسلم برقم (٧٨٣) عن عائشة مرفوعًا.
(٢) ينظر: فيض القدير للمناوي (٢/ ٥١٢)، والتيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي (١/ ٣٤٠).
(٣) ينظر: شرح مشكاة المصابيح للطيبي (١١/ ٣٣٧٤).

<<  <   >  >>