للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتطير بسنوحِها فيصدهم ذلك عن المسير ويردُّهم عن بلوغ ما يمَّموه من مقاصدِهم، فأبطل أن يكون لشيء منها تأثير في اجتلاب ضرر أو نفع، واستحب الفأل بالكلمة الحسنة يسمعها من ناحية حسن الظن بالله).

من فوائد الحديث:

أولًا: في الحديث بيان أنه لا عدوى تؤثر بذاتها، ولذلك لا ينبغي الجزم بأن فلانا قد انتقلت إليه العدوى من فلان، ولذلك جاء عن أبي هريرة قال: قال النبي : «لا عدوى ولا صَفَر، ولا هامةَ»، فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل، تكون في الرمل كأنها الظباء، فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟ فقال رسول الله : «فمن أعدى الأول».

يقول: إن أول بعير جرِب من الإبل لم يكن قبله بعير أجرب فيعديه، وإنما كان أول ما ظهر الجرب في أول بعير منها بقضاء الله وقدره، فكذلك ما ظهر منه في سائر الإبل بعد (١).

قال النووي (٢): (معناه أن البعير الأول الذي جرب من أجربه، أي: وأنتم تعملون وتعترفون أن الله تعالى هو الذي أوجد ذلك من غير ملاصقة لبعير أجرب، فاعملوا أن البعير الثاني والثالث وما بعدهما إنما جرب بفعل الله تعالى وإرادته، لا بعدوى تعدي بطبعها.

ولو كان الجرب بالعدوى بالطبائع لم يجرب الأول لعدم المعدي، ففي الحديث بيان الدليل القاطع لإبطال قولهم في العدوى بطبعها).


(١) ينظر: معالم السنن للخطابي (٤/ ٢٣٣).
(٢) ينظر: شرح النووي على مسلم (١٤/ ٢١٧).

<<  <   >  >>