للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعليق:

هذا الحديث فيه تأويلان كما ذكر ابن الجوزي (١):

أحدهما: أنه يُنزع الإيمان منه.

قال عكرمة: قلت لابن عباس: كيف ينزع الإيمان منه؟ قال: هكذا، وشبك بين أصابعه ثم أخرجها، فإن تاب عاد إليه هكذا، وشبك بين أصابعه.

ووجه هذا أن المعصية تذهله عن مراعاة الإيمان، وهو تصديق القلب، فكأنه ينسى من صدق به.

والثاني: أنه لا يزني وهو كامل الإيمان.

وقال الدكتور سليمان العودة: (معنى هذا الحديث: أنه في حالة هيجان الشهوة يغيب عنه شعوره باطلاع الله ورقابته، وأنه في تلك اللحظة اختفى إيمانه تحت هيجان الشهوة؛ حتى أنه صار لا يمنعه من فعل ذلك المنكر).

وقال علماء السنة: من وقع في هذه الكبائر وغيرها مما هي دون الشرك فإنه لا يكون مرتدًّا عن الإسلام، ولا كافرًا خارجًا من الملة؛ فهو ما زال في دائرة الإسلام، ولهذا فإنه لا يعامل معاملة المرتد، ولا معاملة الكافر، وإنما يأخذ الحدَّ الذي لا ينطبق إلا على المسلمين.

وعلى هذا: فيكون النفي في الحديث هو نفي كمال الإيمان.

قال ابن رجب (٢): (المراد بنفي الإيمان نفي بلوغ حقيقته ونهايته، فإن الإيمان كثيرًا ما ينفى لانتفاء بعض أركانه وواجباته، كقوله : «لا يزني


(١) ينظر: كشف المشكل لابن الجوزي (٢/ ٤٣٦).
(٢) ينظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (١/ ٣٠٢).

<<  <   >  >>