للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمن ترك شيئًا من واجباته، وإن كان قد ورد إطلاق الكفر على فعل بعض المحرمات، وإطلاق النفاق أيضًا.

واختلف العلماء: هل يسمى مرتكب الكبائر كافرًا كفرًا أصغر أو منافقًا النفاق الأصغر، ولا أعلم أن أحدًا منهم أجاز إطلاق نفي اسم الإسلام عنه، إلا أنه روي عن ابن مسعود أنه قال: ما تارك الزكاة بمسلم، ويحتمل أنه كان يراه كافرًا بذلك، خارجًا من الإسلام.

وكذلك روي عن عمر فيمن تمكن من الحج ولم يحج أنهم ليسوا بمسلمين، والظاهر أنه كان يعتقد كفرَهم، ولهذا أراد أن يضرب عليهم الجزية).

من فوائد الحديث:

أولًا: ليس كل حديث فيه نفي الإيمان يدلُّ على كفر صاحبه وخروجِه من الملة، لأنه يمكن أن يكون المراد نفي كمال الإيمان، جمعًا بين الأدلة.

ثانيًا: هذا الحديث وأمثاله فرقانٌ بين أهل السنة والخوارج الذين يكفرون بالمعصية.

ثالثًا: الإيمان الكامل يقتضي محبة ما يحبه الله، وكراهة ما يكرهه الله ﷿ والعمل بمقتضى ذلك، فلا يرتكب أحد شيئًا من المحرمات أو يخلُّ بشيء من الواجبات إلا لتقديم هوى النفس المقتضي لارتكاب ذلك على محبة الله تعالى المقتضية لخلافه (١).

رابعًا: في الحديث دليل على إطلاق اسم الإيمان على الأعمال، وهو متفق عليه عند أهل الحق، ودلائله في الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر، وأشهر من


(١) ينظر: اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى (ص ١٢٧).

<<  <   >  >>