الخميصة … وهي ثوب خز أو صوف معلم، وخُصَّت بالذكر لأن الغالب في لبسها الخيلاء والرعونة والرياء والسمعة، ومن كمال ميل النفس إليها وعدم الطاقة على مفارقتها، فكأنه عبد لها.
وانتكس … قال ابن السكيت: سقط على رأسه، تقول: نكست الشيء: إذا قلبته.
شيك … أي: أصاب الشوك جسده.
فلا انتقش … أي: فلا قدر على إخراجه من بدنه ولا استطاع، يقال: نقشت الشوك: إذا استخرجته بالمنقاش.
طوبى … فُعلى من الطيب، اسم الجنة أو شجرة فيها.
بعنان فرسه … أي: بلجامه.
إن كان في الحراسة، وإن كان في الساقة … المعنى: أنه خامل الذِّكْرِ لا يقصد السمو، فأين اتفق له كان فيه.
التعليق:
يدل هذا الحديث على أن من كان همّه طلب الأموال والزينة الدنيوية من كافة وجوهها، وصار عمله كله في تحصيلها، فهو كالعابد لها، فقد شبهه بالعبد؛ لأنه لانغماسه في محبة الدنيا وشهواتها كالأسير الذي لا يجد خلاصًا، كالعبد الذي لا يخلص من أحكام الرِّقِّيَّة، وليس المذموم مجرد ملك الدينار المنتفع به في حاجاته ومقاصده، فإن ذلك مما يمدح ويحمد، بل قد يجب التملك ليسد به الخلة، وينفق على من يجب عليه الإنفاق (١).
ولكن المذموم هو التفرغ للزينة وجمع الأموال، بحيث تستولي على القلب بالكلية.
وقد لا يفرق في سبيل ذلك بين الوجوه المباحة والوجوه المحرمة، ولذلك فهو لا يرضى عن الله إلا إذا تحصل عليها، ونال ما يريد منها، وإن لم يعط سخط ما قدَّر له خالقه ويسر له من رزقه، فصح بهذا أنه عبد في طلبها، فوجب الدعاء عليه بالتعس والانتكاس؛ لأنه أوقف عمله على متاع الدنيا الفاني وترك العمل لنعيم الآخرة الباقي.
(١) ينظر: البدر التمام شرح بلوغ المرام للمغربي (١٠/ ٢٣٨).