للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعليق:

هذا الحديث يبين فضيلة الصبر والاحتساب والاسترجاع عند المصائب، كما قال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: ١٥٥ - ١٥٧].

قال الهرري (١): (قال القرطبي: «فيقول ما أمره الله»: هذا تنبيه على قوله: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ الآية، مع أنه ليس فيها أمر بذلك القول، وإنما تضمنت مدحَ من قاله، فيكون ذلك القول مندوبًا، والمندوب مأمور به، أي: مطلوب، وإن جاز تركه. وقال أبو المعالي: لم يختلف الأصوليون في أن المندوب مطلوب، وإنما اختلفوا هل يسمى مأمورًا به.

قلت -أي: الهرري-: وهذا الحديث يدل على أنه يسمى بذلك، وقوله: ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾؛ كلمة اعتراف بالملك لمستحقه، وتسليم له فيما يجريه في ملكه، وتهوين للمصيبات بتوقع ما هو أعظم منها، وبالثواب المرتَّب عليها، وتذكير المرجع والمآل الذي حكم به ذو العزة والجلال).

قال الزرقاني (٢): (قال أبو عمر: فينبغي لكل من أصيب بمصيبة أن يفزع إلى ذلك تأسيًا بكتاب الله وسنة رسوله. قال ابن جريج: ما يمنعه أن يستوجب على الله ثلاث خصال، كل خصلة منها خير من الدنيا وما فيها؛ صلوات الله، ورحمته والهدى.

ثم قال: وظاهر الأحاديث أن المأمور به قول ذلك مرة واحدة فورًا، وذلك في الصبر عند الصدمة الأولى.


(١) ينظر: الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم للهرري (١١/ ٩٩).
(٢) ينظر: شرح الزرقاني على الموطأ (٢/ ١١٦)

<<  <   >  >>