للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر بالأخوة الإيمانية:

قال ابن حجر (١): (وقوله: «وكونوا عباد الله إخوانًا»: بلفظ المنادى المضاف، زاد مسلم في آخره من رواية أبي صالح عن أبي هريرة: «كما أمركم الله» (٢)، ومثله عنده من طريق قتادة عن أنس، وهذه الجملة تشبه التعليل لما تقدم، كأنه قال: إذا تركتم هذه المنهيات كنتم إخوانًا، ومفهومه إذا لم تتركوها تصيروا أعداء، ومعنى: كونوا إخوانًا؛ اكتسبوا ما تصيرون به إخوانًا مما سبق ذكره وغير ذلك من الأمور المقتضية لذلك إثباتًا ونفيًا.

وقوله: «عباد الله»: أي: يا عباد الله بحذف حرف النداء، وفيه إشارة إلى أنكم عبيد الله، فحقكم أن تتواخوا بذلك. قال القرطبي: المعنى كونوا كإخوان النسب في الشفقة والرحمة والمحبة والمواساة والمعاونة والنصيحة، ولعل قوله في الرواية الزائدة: «كما أمركم الله»: أي: بهذه الأوامر المقدم ذكرها، فإنها جامعة لمعاني الأخوة، ونسبها إلى الله، لأن الرسول مبلغ عن الله.

ويحتمل أن يكون المراد بقوله: «كما أمركم الله»: الإشارة إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: ١٠]، فإنه خبر عن الحالة التي شرعت للمؤمنين، فهو بمعنى الأمر. قال ابن عبد البر: تضمن الحديث تحريم بغض المسلم، والإعراض عنه، وقطيعته بعد صحبته بغير ذنب شرعي، والحسد له على ما أنعم به عليه، وأن يعامله معاملة الأخ النسيب، وألَّا ينقب عن معايبه، ولا فرق في ذلك بين الحاضر والغائب، وقد يشترك الميت مع الحي في كثير من ذلك).


(١) ينظر: فتح الباري لابن حجر (١٠/ ٤٨٢).
(٢) أخرجه مسلم برقم (٢٥٦٣/ ٣٠) عن أبي هريرة .

<<  <   >  >>