للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنافقين. وقال بعضهم: الصدق كما يعبر به قولًا عن مطابقة القول المخبر عنه، قد يعبر به فعلًا عن تحري الأفعال الكاملة، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ [الزمر: ٣٣]، أي: حقق ما أورده قولًا بما تحراه فعلًا.

قلت: أشار إلى هذا المعنى أيضًا الطيبيُّ حيث قال: قوله: «صدقًا» هنا: أقيم مقام الاستقامة، وأشار بهذا إلى دفع ما قيل في أن ظاهر الخبر يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار لما فيه من التعميم والتأكيد، وذلك لأن الأدلة القطعية قد دلت عند أهل السنة والجماعة؛ أن طائفة من عصاة الموحدين يعذَّبون ثم يخرجون من النار بالشفاعة. قال الطيبيُّ: ولأجل خفاء ذلك لم يؤذن لمعاذ في التبشير به.

وقد أجيب عن هذا بأجوبة أخرى:

منها: أن هذا مقيد بمن يأتي بالشهادتين تائبًا ثم مات على ذلك.

ومنها: أنه أخرج مخرج الغالب، إذ الغالب أن الموحِّد يعمل الطاعة ويجتنب المعصية.

ومنها: أن المراد بتحريمه على النار؛ تحريم خلوده فيها لا أصل دخوله فيها.

ومنها: أن المراد تحريم جملته؛ لأن النار لا تأكل مواضع السجود من المسلم، وكذا لسانُه الناطق بالتوحيد.

ومنها: أن ذلك لمن قال الكلمةَ وأدى حقها وفريضتَها، وهو قول الحسن.

ومنها: ما قيل أن هذا كان قبل نزول الفرائض والأمر والنهي، وهو قول سعيد بن المسيب وجماعة).

<<  <   >  >>