للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا منام عظيم لا أفسره الّا بخلعة وفرس. فقال بويه: والله ما املك الّا الثياب التي على جسدي فان أخذتها بقيت عريانا. قال المنجم: فعشرة دنانير. قال: والله ما املك دينارين فكيف عشرة. فأعطاه شيئا. فقال المنجم: اعلم انه يكون لك ثلثة أولاد يملكون الأرض ويعلو ذكرهم في الآفاق ويولد لهم جماعة ملوك بقدر ما رأيت من تلك الشّعب. فقال ابو شجاع بويه: اما تستحي تسخر منا انا رجل فقير واولادي هؤلاء مساكين كيف يصيرون ملوكا. قال المنجم: اذكروا لي هذا إذا قصدتكم وأنتم ملوك.

فاغتاظ منه بويه وقال لأولاده: اصفعوا هذا الحكيم فقد أفرط في السخرية بنا.

فصفعوه وأخرجوه. ثم خرج أولاد بويه من الديلم وصاروا الى مرداويج [١] بطبرستان فقبلهم احسن قبول وخلع عليهم وقلّد عماد الدولة عليّ بن بويه كرج. فاستمال أهلها بالصلات والهبات فأحبوه وملّكوه وقوي جنابه واستولى على أصفهان وعظم في عيون الناس وملك أرّجان ايضا. وانفذ أخاه ركن الدولة الحسن الى كازرون وغيرها من اعمال فارس.

فاستخرج منها أموالا جليلة وعاد الى أخيه غانما سالما. وفي سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة استولى عماد الدولة عليّ بن بويه على شيراز وملكها. وفي هذه السنة خلع القاهر في جمادى الاولى وذلك ان ابن مقلة كان مستترا والقاهر يتطلبه وكان يراسل قوّاد الساجيّة والحجرية ويخوّفهم من شر القاهر ويذكر لهم غدره ونكثه مرة بعد اخرى كقتل مؤنس وبليق وابنه بعد الايمان لهم الى غير ذلك. وكان ابن مقلة يجتمع بسيما زعيم الساجية تارة في زيّ أعمى وتارة في زيّ مكدّ وتارة في زيّ امرأة ويغريه بالقاهر. ثم ان ابن مقلة اعطى منجما كان لسيما مائتي دينار [٢] . وكان يذكر ان طالعه يقتضي ان ينكبه القاهر.

واعطى ايضا شيئا لمعبّر كان لسيما يعبّر له المنامات وكان يحذره من القاهر. فازداد نفورا. فاتفق مع أصحابه ومع الحجرية على خلع القاهر. وبلغ ذلك الوزير فأرسل الحاجب سلاما وعيسى الطبيب ليعلماه بذلك فوجداه نائما قد شرب اكثر ليلته فلم يقدرا على اعلامه بذلك. فزحف الحجرية والساجيّة الى الدار. ولما سمع القاهر الأصوات والغلبة استيقظ وهو مخمور وطلب بابا يهرب منه فقيل له: ان الأبواب جميعها مشحونة بالرجال. فهرب الى سطح حمام. فأخذوه من هناك وحبسوه وكانت خلافته عاما واحدا وسبعة أشهر. ثم عاش خاملا الى ان مات سنة ثمان وثلثين وثلاثمائة.


[١-) ] مرداويج ر مرداونج.
[٢-) ] مائتي ر مائة.
ابن العبري- ١١