للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الى مراغة فدخلوها وأحرقوا جامعها وقتلوا من عوامّها مقتلة عظيمة ومن الأكراد الهذبانية [١] ثم سار طائفة منهم الى الريّ وطائفة الى همذان فملكوها. وفيها ملك الغزّ الموصل ووثب بهم اهل الموصل. وفي سنة احدى وعشرين واربعمائة مات يمين الدولة [٢] محمود بن سبكتكين وملك ولده محمد [٣] ثم خلعه اخوه مسعود وولي مكانه. وفي سنة اثنتين وعشرين واربعمائة في ذي الحجة توفّي الامام القادر بالله وعمره ستّ وثمانون سنة وعشرة أشهر وخلافته احدى وأربعون وسنة. وكانت الخلافة قبله قد طمع فيها الديلم والأتراك فلما وليها ألقى الله هيبته في قلوب الخلق فأطاعوه احسن طاعة. وكان حليما كريما ديّنا وكان يخرج من داره في زيّ العامّة ويزور قبور الصالحين كقبر معروف وغيره.

وفي سنة ثماني وأربعين وثلاثمائة انتقل الى العراق محمد بن محمد بن يحيى بن الوفاء [٤] البوزجاني من بلد نيسابور قرأ عليه الناس واستفادوا وصنف كتبا جمّة في العلوم العدديّة والحسابيّة وله كتاب مجسطي وفسّر كتاب ديوفنطوس في الجبر والمقابلة.

وفي سنة ثماني وتسعين وثلاثمائة توفّي ابو عليّ عيسى بن زرعة النصرانيّ اليعقوبيّ المنطقيّ ببغداد وهو احد المتقدمين في علم المنطق والفلسفة وأحد النقلة المجودين وله تصانيف مذكورة ونقول من السرياني الى العربي.

ومن الأطباء المتقدمين بالديار المصريّة منصور بن مقشر ابو الفتح المصريّ النصرانيّ وله منزلة سامية من اصحاب القصر ولا سيما في ايام العزيز منهم. واعتلّ منصور هذا في ايام العزيز في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وتأخر عن الركوب فلما تماثل منصور ابن مقشر كتب اليه العزيز بخطه: بسم الله الرحمن الرحيم طبيبنا سلّمه الله سلام الله الطيّب وأتمّ النعمة عليه. وصلت إلينا البشارة بما وهبه الله من عافية الطبيب وبرئه.

والله العظيم لقد عدل عندنا ما رزقناه نحن من الصحة في جسمنا. أقالك الله العثرة واعادك الى أفضل ما عوّدك من صحة الجسم وطيبة النفس وخفض العيش بحوله وقوته.

وخدم منصور هذا بعد العزيز الحاكم ابنه ايضا. واتفق ان عرض لرجل الحاكم عقد


[١-) ] الهذبانية ر الهرائيّة.
[٢-) ] كان مولده سنة ستين وثلاثمائة.
[٣-) ] كان لقبه جلال الدولة.
[٤-) ] ويروى: ابو البقاء. والصواب ابو الوفاء.