للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقيما لم يلد ولدا. وملك بعده ألب ارسلان بن داود جعفري [١] اخي السلطان طغرلبك.

وفي سنة ثمان وخمسين ولدت صبية بباب الأزج ولدا برأسين ورقبتين ووجهين واربع أيد على بدن واحد. وفي سنة احدى وستين احترق جامع دمشق فدثرت محاسنه وزال ما كان فيه من الأعمال النفيسة. وكان سبب ذلك حرب وقعت بين المغاربة اصحاب المصريّين والمشارقة فضربوا دارا مجاورة للجامع بالنار فاحترقت واتصلت النار بالجامع.

وفي سنة ثلث وستين واربعمائة خرج رومانوس [٢] ملك الروم الملقب ديوجانيس وهو اسم من اسماء الحكماء في مائة ألف ووافي بتجمّل [٣] كثير وزيّ عظيم فوصل الى ملازكرد من اعمال خلاط [٤] وكان السلطان ألب ارسلان بمدينة خونج من اذربيجان فسار اليه في خمسة عشر ألف فارس إذ لم يتمكن من جمع العساكر لبعدها وقرب العدوّ. فجدّ في السير فلما قرب العسكران أرسل السلطان الى رومانوس الملك يطلب منه المهادنة. فقال: لا أهادنه الّا بالريّ. فانزعج السلطان لذلك. فلما كان يوم الجمعة بعد الزوال صلّى وبكى فبكى الناس لبكائه. وقال لهم: من أراد الانصراف فلينصرف فما ههنا سلطان يأمر وينهى. وألقى القوس والنشّاب وأخذ السيف والدبّوس وعقد ذنب فرسه بيده وفعل عسكره مثله ولبس البياض وتحنّط وقال: ان قتلت فهذا كفني.

وزحف الى الروم وزحفوا اليه واشتدّ القتال فانهزم الروم وقتل منهم خلق وأسر الملك اسره بعض المماليك اسمه شادي وكان قد حضر عنده مع رسول فعرفه فلما رآه نزل وسجد له وقصد به السلطان. فضربه ثلث مقارع بيده وقال له: ألم أرسل إليك في المهادنة فأبيت. فقال: دعني من التوبيخ وافعل ما تريد. فقال السلطان: ما عزمت ان تفعل بي ان أسرتني. فقال: القبيح. قال له: فما تظنّ انني افعل بك. قال: امّا ان تقتلني وامّا ان تشهرني في بلادك. والاخرى بعيدة وهي العفو وقبول الأموال واصطناعي نائبا عنك. قال: ما عزمت على غير هذا. ففداه بألف ألف دينار وان يطلق كل أسير عنده من المسلمين. واستقرّ الأمر على ذلك وأجلسه معه على سريره وأنزله في خيمة وأرسل اليه عشرة آلاف دينار يتجهّز بها واطلق جماعة من البطارقة وخلع عليه وعليهم وسيّر معه عسكرا يوصلوه الى مأمنه وشيّعه فرسخا. واما الروم فلما بلغهم خبر الوقعة وثب


[١-) ] ويروى: جعدى.
[٢-) ] هو رومانوس الرابع.
[٣-) ] بتجمل ر بخيل.
[٤-) ] يقال خلاط واخلاط.