للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ميخائيل [١] على المملكة فملك البلاد. فلما وصل رومانوس الملك الى قلعة دوقية بلغه الخبر فلبس الصوف وأظهر الزهد وأرسل الى ميخائيل يعرّفه ما تقرّر مع السلطان.

وجمع رومانوس ما عنده من المال وكان مائتي ألف دينار فأرسله الى السلطان وحلف له انه لا يقدر على غير ذلك. وفي أول سنة خمس وستين واربعمائة قصد السلطان ألب ارسلان محمد بن داود جغريبك ما وراء النهر فعقد على جيحون جسرا وعبر عليه في نيّف وعشرين يوما وعسكره يزيد على مائتي ألف فارس فأتاه أصحابه بمستحفظ قلعة اسمه يوسف الخوارزميّ وحمل الى قرب سريره مع غلامين. فتقدّم ان يضرب له اربعة أوتاد ويشدّ أطرافه إليها. فقال له يوسف: يا مخنّث مثلي يقتل هذه القتلة. فغضب السلطان وأخذ القوس والنشاب وقال للغلامين: خلّياه. فخليّاه. ورماه السلطان بسهم فأخطأه. فوثب يوسف يريده. فقام السلطان عن السرير ونزل عنه فعثر فوقع على وجهه. فبرك [٢] عليه يوسف وضربه بسكين كانت معه في خاصرته. ونهض السلطان فدخل الى خيمة أخرى. وضرب بعض الفرّاشين يوسف بمرزبّة على رأسه فقتله. ولما جرح السلطان ألب ارسلان اوصى بالسلطنة لابنه ملكشاه وقام بوزارته نظام الملك [٣] .

وفي سنة سبع وستين واربعمائة ليلة الخميس ثالث عشر شعبان توفي القائم بأمر الله. ولما أيقن بالموت احضر النقيبين وقاضي القضاة والوزير ابن جهير [٤] واشهدهم على نفسه انه جعل ابن ابنه أبا القاسم عبد الله بن محمد بن القائم وليّ عهده. وكان عمر القائم ستا وسبعين سنة وثلثة أشهر وخلافته أربعا وأربعين سنة وتسعة أشهر.

وفي هذه السنين اشتهر بعلوم الأوائل ابو الريحان [٥] محمد بن احمد البيروني متبحر في فنون الحكمة اليونانية والهندية وتخصّص بأنواع الرياضيات وصنّف فيها الكتب الجليلة ودخل الى بلاد الهند واقام بها عدّة سنين وتعلّم من حكمائها فنونهم وعلّمهم طرق اليونانيين في فلسفتهم. ومصنفاته كثيرة متقنة محكمة غاية الأحكام. وبالجملة لم يكن في نظرائه في زمانه وبعده الى هذه الغاية احذق منه بعلم الفلك ولا اعرف بدقيقه


[١-) ] هو ميخائيل السابع.
[٢-) ] فبرك ر فركب.
[٣-) ] كان ألب ارسلان بلغ من العمر أربعين سنة وشهورا وكانت مدة ملكه منذ خطب له بالسلطنة الى ان قتل تسع سنين وستة أشهر.
[٤-) ] ويروى: جهين.
[٥-) ] ر الحكيم الفارسي ابو الريحان.