للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما علم نور الدين الحال عظم ذلك عليه واعمل الحيلة على جوسلين وهجر الراحة ليأخذ ثأره واحضر جماعة من الأمراء التركمان وبذل لهم الرغائب ان هم ظفروا بجوسلين وسلّموه اليه لأنه علم عجزه عنه في القتال. فجعل التركمان عليه العيون. فخرج متصيدا فظفر به طائفة منهم وحملوه الى نور الدين أسيرا. فسار نور الدين الى قلاع جوسلين فملكها وهي عين تاب وعزاز [١] وقورس والراوندان وبرج الرصاص ودلوك ومرعش ونهر الجوز وغير ذلك من اعماله.

وفي سنة سبع وأربعين توفي السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه بهمذان وكان عهده الى ملكشاه ابن أخيه السلطان محمود فخطب له الأمير خاصبك بالسلطنة ورتّب الأمور وقرّرها بين يديه. ثم قبض عليه وأرسل الى أخيه الملك محمد وهو بخوزستان يستدعيه وكان قصده ان يحضر عنده فيقبضه ويخطب لنفسه بالسلطنة. فسار اليه محمد فأجلسه على التخت وخطب له بالسلطنة. ثم شعر محمد بخبث خاصبك فثاني يوم وصوله لما دخل اليه قتله ومعه زنكي الجاندار والقى رأسيهما وبقيا حتى أكلتهما الكلاب واستقرّ محمد في السلطنة. وفيها توفي حسام الدين تمرتاش صاحب ماردين وميّافارقين وكانت ولايته نيّفا وثلثين سنة وولي بعده ابنه نجم الدين البي.

وفي سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ملك الفرنج بالشام مدينة عسقلان وكانت من جملة مملكة العلويّين المصريّين. وفي سنة تسع وأربعين في المحرّم قتل الظافر بن الحافظ العلوي صاحب مصر وولي ابنه الفائز بنصر الله ثاني يوم قتل أبوه وله من العمر خمس سنين فحمله الوزير عبّاس على كتفه وأجلسه على التخت سرير [٢] الملك. وفيها في صفر ملك نور الدين محمود بن زنكي بن اقسنقر مدينة دمشق وأخذها من صاحبها مجير الدين ابق بن محمد بن بوري [٣] بن طغدكين أتابك. وفي سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة في رجب كان بالشام زلازل كثيرة قويّة خرّبت كثيرا من البلاد فخرب منها حمص وحماة وشيزر وكفرطاب والمعرّة وافامية وحصن الأكراد وعرقة واللاذقيّة وطرابلس وانطاكية. واما كثيرة القتلى فيكفي فيها ان معلما كان بمدينة حماة وذكر انه فارق المكتب لمهمّ عرض له فجاءت الزلزلة فخربت البلد وسقط المكتب على الصبيان جميعهم. (قال المعلم) فلم يأت احد يسأل عن صبيّ كان له.


[١-) ] عزاز (وربما قبلت الالف في أولها) بليدة فيها قلعة شمالي حلب بينهما يوم واحد.
[٢-) ] على التخت سرير على سرير.
[٣-) ] بوري ر بوزى س [؟]