للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ميناء صور والمسلمون من البرّ ينظرون إليهم. ورمى جماعة من المسلمين أنفسهم من الشواني فمنهم من سبح ونجا منهم من غرق. وفي سنة اربع وثمانين فتح صلاح الدين جبلة واللاذقيّة وصهيون وشغر بكاس ودر بساك وبغراس والكرك وصفد. وهادون صلاح الدين البرنس بيموند [١] صاحب انطاكية وطرابلس ثمانية أشهر.

وفي سنة سبع وثمانين وصلت أمداد الفرنج في البحر الى الفرنج النازلين على عكّة يحاصرونها. وكان أول من وصل منهم فيليب ملك افرنسيس وهو من اشرف ملوكهم نسبا وان كان ملكه ليس باكثير فقويت به نفوسهم اي الذين كانوا على عكة ولجّوا في قتال المسلمين الذين فيها. وكان صلاح الدين على شفرعمّ فكان يركب كل يوم ويقصد الفرنج ليشغلهم بالقتال على مزاحفة البلد وكان فيه الأمير سيف الدين الهكاري المعروف بالمشطوب فلما رأى ان صلاح الدين لا يقدر لهم على نفع ولا يدفع عنهم ضرا خرج الى الفرنج وقرّر معهم تسليم البلد وخروج من فيه بأموالهم وبذل لهم عن ذلك مائتي ألف دينار وخمسمائة أسير من المعروفين واعادة صليب الصلبوت [٢] واربعة عشر ألف دينار للمركيس صاحب صور فأجابوه الى ذلك وان تكون مدة تحصيل المال والاسراء الى شهرين. فلما حلفوا له سلّم البلد إليهم فدخله الفرنج سلما واحتاطوا على من فيه من المسلمين وعلى أموالهم وحبسوهم الى حين ما يصل إليهم ما بذل لهم وراسلوا صلاح الدين في إرسال المال والأسرى والصليب حتى يطلقوا من عندهم. فشرعوا في جمع المال وكان هو لا مال له انما يخرج ما يصل اليه من دخل البلاد أولا بأول فلما اجتمع عنده من المال مائة ألف دينار أشار الأمراء بان لا يرسل شيئا حتى يعاود يستحلفهم على الإطلاق من أصحابه. فقال ملوك الفرنج: نحن لا نحلف انما ترسل إلينا المائة الالف دينارا التي حصلت والأسارى والصليب ونحن نطلق من أصحابكم من نريد ونترك من نريد حتى يجيء باقي المال فنطلق الباقين منهم. فلم يجبهم [٣] السلطان الى ذلك. فلما كان يوم الثلثاء السابع والعشرون من رجب ركب الفرنج وخرجوا ظاهر البلد بالفارس والراجل وركب المسلمون إليهم وحملوا عليهم فانكشفوا عن موقفهم وإذا اكثر من كان عندهم من المسلمين قتلى قد وضعوا فيهم السيف وقتلوهم واستبقوا الأمراء ومن كان له مال وقتلوا من سواهم من سوادهم وأصحابهم ومن لا مال له. فلما رأى صلاح الدين ذلك رحل الى


[١-) ] بيموند ر فيموند.
[٢-) ] الصلبوت ر المصلوب.
[٣-) ] فلم يجبهم ر فأجابهم.