للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأسرها قد أعطيتها لتموجين وولده وسمّيته جنكزخان فسمّاه جنكزخان تبت تنكري [١] وكان يرجع الى قوله ولا يعدل عن رأيه. ولما علا شأن جنكزخان أرسل الرسل الى جميع شعوب الترك فمن أطاعه وتبعه سعد ومن خالفه خذل وأنعم على ذينك الغلامين وذرّيتهم بان جعلهم ترخانيّة والترخان هو الحرّ الذي لا يكلف بشيء من الحقوق السلطانية ويكون ما يغنم من الغزاوات له مطلقا لا يؤخذ منه نصيب للملك وزاد لهؤلاء ان يدخلوا على الملوك بغير اذن ولا يعاقبوا على ذنب الى تسعة ذنوب وكان لجنكزخان من الأولاد الذكور والإناث جماعة وكانت الخاتون الكبيرة زوجته تسمّى اويسونجين [٢] بيكي.

وفي رسم المغول اعتبار أبناء الأب الواحد بالشرف انما يكون بالنسبة الى الأمهات.

وكان لهذه خاتون اربعة بنين ولّاهم جنكزخان الأمور العظام في مملكته. الاول توشى ولي امر الصيد والطرد وهو احبّ الأمور إليهم. والثاني جغاتاي ولي امر الحكومات والسياسة اي الناموس والقضاء. والثالث اوكتاي ولي تدبير الممالك لغزارة عقله واصابة رأيه. والرابع تولي ولي امر الجيوش وتجهيز الجنود والنظر في مصالح العساكر. وكان لجنكزخان أخ يقال له اوتكين فعيّن له ولكلّ واحد من الأولاد بلادا يقيمون بها.

اما اوتكين فأقام بحدود الخطا. وتوشي اقام بحدود قباليغ [٣] وخوارزم الى أقصى سقسين وبلغار. وجغاتاي بحدود بلاد الايغور بالقرب من المايغ الى سمرقند وبخارا. واقام اوكتاي وهو وليّ العهد بحدود ايميل وقوتاق [٤] وجاوره تولي ايضا في تلك النواحي وهي وسط مملكتهم كالمركز بالنسبة الى الدائرة.

وفي سنة ستمائة ملك الفرنج مدينة القسطنطينية من الروم [٥] . اقام الفرنج بظاهرها محاصرين للروم من شعبان الى جمادى الاولى وكان بالمدينة كثير من الفرنج مقيمين نحو


[١-) ] ويروى: ثبت. وتنكري (ويلفظ طنري) اسم الله تعالى في اللغة التركية وجنكزخان معناه الملك الأعظم.
[٢-) ] ويروى: اويسولوجين.
[٣-) ] ويروى: قياليغ.
[٤-) ] ويروى: يميل وقوناق.
[٥-) ] كان الكسيس الثالث نزع الملك من أخيه إسحاق الثاني وسملة وطرحه في السجن فالتجأ الكسيس الرابع ابن إسحاق الى اصليبين ووعدهم الوعود الحسنة منها انه يسعى بضم الكنيستين الشرقية والغربية وانه يمدهم بالجيوش والنفقة. فأجابوه الى سؤله وفتحوا القسطنطينية بعد حصار ستة ايام. فتسارع الكسيس الثالث الى الهرب ورجع الملك الى إسحاق ونودي في كنيسة اغيا صوفيا باتحاد الكنيستين واقر البطريرك بان البابا خليفة بطرس الرسول ونائب المسيح وكان البابا وقتئذ انوشنسيوس الثالث. ثم ان احد الخوارج دوقاس الملقب مورزفلس ومعناه الأقرن اي المقرون الحاجبين هيج الشعب وغصب الملك وتسمى الكسيس الخامس واغتال الكسيس الرابع وأمات أباه إسحاق كمدا عليه. فأوغرت هذه الفظائع قلوب الصليبين فثاروا للانتقام من الغاصب الخارجي ففتحوا القسطنطينية ثانية. الّا ان أبا الفرج غالي في وصف هذا الفتح ما شاءت أغراضه.