للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدير ولقوهما في البيعة وقت صلاة العشاء فقطعوهما موضعهما ونادوا بشعار ميخائيل بمدينة نيقيا قائلين: ميخائيل يا منصور ميخائيل ملك يونان باليولوغس اوطوقراطور رومانيا.

ومن هناك سار ميخائيل الى مدينة نيقية وخطب له بالمملكة بجميع تلك البلاد واعتقل الطفل قالويان ابن الملك ببعض القلاع ونفى البطريرك ارسانيوس الذي وبخه على فعله هذا. ولما تمكن من الملك لم يكن له اهتمام الّا بأخذ قسطنطينية فسار إليها مرة ولم يقدر على فتحها فصبر الى ان ثارت الفتنة بين البنادقة والجنوية بمدينة عكا فسار البنادقة أجمعين عن القسطنطينية الى عكا لنصرة أصحابهم وكانوا هم الحفظة لها. واحتال حيلة اخرى بأن أشار الى متوّلي بعض قلاع الروم ليكاتب بغدوين الفرنجي صاحب القسطنطينية ويقول له: ان هذا ميخائيل قد تغلب على مملكة الروم بغير استحقاق وهو ظالم معتدّ على بيت أستاذه وانا كاره له وأنت اولى بهذه القلعة منه لأنك ملك ابن ملك وميخائيل خارجيّ. فابعث لي عسكرا وانا أسلمها إليهم ولا بدّ من منجنيقات تكون معهم فينصبونها ويظهرون القتال والزحف ليكون لي عذر عند الناس إذا سلّمتها.

فاغترّ بغدوين الفرنجي بكلامه وقدره صادقا بما قال فأرسل من كان عنده من المقاتلين الى تلك القلعة ونازلوها واشتغلوا بنصب المنجنيقات والاستعداد للقتال. وحينئذ عبر ميخائيل في عساكره خليج القسطنطينية ونزل عليها وهي خالية عن رجال الحرب وحال بينها وبين العسكر الذي كان على القلعة المذكورة. فدلّه بعض الرعاة على باب عتيق للمدينة قد عفا اثره ولم يفتح من عهد قسطنطينوس فنبشوه ودخلوا المدينة وملكوها ليلا وتغافلوا عن بغدوين صاحبها عمدا حتى خرج في اهل بيته وصار الى بلاد الفرنج في البحر. وكان مدة بقاء القسطنطينية بيد الفرنج نحو ثلث وخمسين سنة ثم عادت الى الروم كما كانت أولا.

وفيها في شهر شوال رحل هولاكو عن حدود همذان نحو مدينة بغداد. وكان في ايام محاصرته قلاع الملاحدة قد سيّر رسولا الى الخليفة المستعصم يطلب منه نجدة فأراد ان يسيّر ولم يقدر ولم يمكّنه الوزراء والأمراء وقالوا: ان هولاكو رجل صاحب احتيال وخديعة وليس محتاجا الى نجدتنا وانما غرضه أخلاء بغداد عن الرجال فيملكها بسهولة.

فتقاعدوا بسبب هذا الخيال عن إرسال الرجال. ولما فتح هولاكو تلك القلاع أرسل رسولا آخر الى الخليفة وعاتبه على إهماله تسيير النجدة. فشاوروا [١] الوزير فيما يجب ان يفعلوه فقال: لا وجه غير إرضاء هذا الملك الجبار ببذل الأموال والهدايا والتحف له


[١-) ] فشاوروا ر فشاور.