للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجميع من معه وقتلوهم عن أقصاهم ولم يفلت منهم الّا الطويل العمر. وبعد ذلك بقي امر بلد الموصل والموصل مدّة مديدة في حيرة. وعند أواخر الصيف تواترت الاخبار بوصول عساكر المغول. وقريب من كانون الاول وصل العسكر وأحاط بالموصل وفي رأس العسكر امير كبير اسمه سمدغو [١] محبّ للنصارى. وبينما هم قد نزلوا على الموصل وصل الخبر برجوع الملك الصالح من الشام. ولما سمع المغول ذلك تأخروا عن المدينة الى حين ما دخل إليها ثم عاد المغول أحاطوا بها وبنوا السيبا حولها في ليلة واحدة وابتدأوا بالقتال من داخل ومن خارج وكان ذلك من كانون الاول الى الربيع وقلّ القوت على اهل المدينة. وسيّر الأمير سمدغو يخدع الملك الصالح ويعده بالمواعيد الحسنة وبطل القتال وقعدوا قعدوا. وكان في وسط هذه المدّة المذكورة وصل عسكر من الشام ومقدّمهم امير اسمه برلوا نجدة للملك الصالح الذي وعد به. فسارع المغول والتقوه عند سنجار وأحاطوا بهم وقتلوهم جميعهم وكسبوا ما معهم من الخليل والسلاح وغير ذلك. بعد ذاك لما صار الأمير سمدغو يخاطب الملك الصالح ويطايبه انخدع وفتح أبواب المدينة وخرج إليهم بالمطربين والاغاني والماخرة بين يديه. وحينما مثل بين يدي سمدغو احتاط المغول به ودخل العسكر الموصل وسبوا ونهبوا وقتلوا مدّة ثمانية ايام وقتل فيها عالم لا يحصي عددهم الّا الله تعالى. وبعد ذلك قرّر الأمير سمدغو في الموصل حاكما الأمير شمس الدين بن يونس ورحل عنها. وكان قد قتل ولد الملك الصالح علاء الملك [٢] صبي حدث اسقوه خمرا كثيرا ثم شدّوه وقطعوه وترين في المدينة عند القلعة وصحبوا الملك الصالح الى هولاكو وقتل هناك.

وفي سنة احدى وستين وستمائة شخص اسمه زكي الاربلي مناد في سوق البهائم قد كان من اجناد الموصل سعى في الأمير شمس الدين بن يونس وقال انه قد جمع الأموال والجواهر من خزائن بيت بدر الدين. وذكر عنه انه سقاه سما ليموت وانه استعان بحكيم نصراني اسمه الموفق النصيبي حتى داواه. ولما سألوا لابن يونس ذلك أنكره فضربوه اشدّ ضرب ليقرّ. وبينما هم في ذلك وقع من ثيابه ورقة فيها آية من القرآن.

فالساعي فيه وهو الزكي الاربلي قال انها سحر لأجل المغول. فرسم بقتله. وتولّى الموصل الزكي الاربلي موضعه. وفي سنة اربع وستين وستمائة توفي هولاكو وكان حكيما حليما


[١-) ] سمدغو ر صمدغو س [؟] .
[٢-) ] علاء الملك ر علاء الدين س [؟] علاء الملك.