وبالفعل، فإن المحادثات بين مندوبي التشكيلتين، قد جرت في جو يسوده كثير من الوئام والتفاهم وتوجت بتصريح مشترك مذيل ببرنامج عمل من ثلاث نقاط أساسية هي:
أ - وحدة العمل من أجل التوحيد الإيديولوجي والتنظيمي للحركة في كفاحها ضد الامبريالية.
ب - إلغاء كل أنواع الاستعمار.
ج - دستور دولة جزائرية ذات سيادة مطلقة.
أما التصريح فقد تضمن اتفاق الطرفين على ضرورة استرجاع السيادة الوطنية التي اغتصبتها الامبريالية الفرنسية، وفي نفس السياق رفض الاتحاد الفرنسي الذي يتناقض في أساسه مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يقر لجميع الشعوب حقها في تقرير مصيرها بنفسها.
من جهة أخرى فإن الطرفين قد اتفقا على تشكيل لجنة للتنسيق تتولى متابعة تطبيق برنامج العمل وتنشط، باسم التشكيلتين، من أجل توسيع الاتحاد إلى تنظيمات أخرى تكون مستعدة للمساهمة في الحركة الواسعة الرامية إلى إقامة الجمهورية الحرة الديمقراطية والاجتماعية.
إن الذي يطلع على كل هذه النتائج الإيجابية، في واقع الأمر، لا يسعه سوى الإقرار بأن الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري قد اهتدى، عن وعي، إلى الطريق المؤدية إلى تحرير الوطن لكن ذلك لم يطل إذ أن اللجنة المركزية للاتحاد أعلنت أنها تخضع استمرار العمل الوحدوي إلى مجموعة من الشروط في مقدمتها عدم رفض التمثيل البرلماني وعدم إدانة الاتحادالفرنسي والتخلي عن دستور الدولة الجزائرية ذات السيادة المطلقة وهو ما رفضته الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية وجعل السيد الحاج مصالي يصف "الجمهورية الفدرالية" التي رفع شعارها السيد فرحات عباس بالمولود الامبريالي لأنها تترك الدفاع الوطني والشؤون الخارجية بين أيدي الامبريالية الفرنسية وتسوي مليون أوربي بعشرة ملايين من الجزائريين. (٤٨).
وفي نفس الوقت الذي كانت فيه قيادة الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري تدعو إلى الالتزام بالشروط المذكورة أعلاه كشرط أساسي لوحدة الصف الوطني، فإن السيد فرحات عباس كان يوظف أعمدة الجمهورية الجزائرية La République Algerinne" للتنديد بالحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية التي لم تأمر نوابها بالانسحاب من البرلمان الفرنسي، ولكتابة أشياء غير معقولة