لقد اتخذوا من أساتذة الاستعمار أئمة وأغلقوا، بأيديهم أبواب الاجتهاد فلم تعد ذهنياتهم قابلة للثورة على الجمود والرجوع إلى الشك في كل شيء للتوصل إلى الحقيقة الضائعة. ولأجل ذلك كله، فإن المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، بالطريقة التي وجد عليها والرعاية التي يحظى بها خاصة من معالي وزير المجاهدين، إنما يعتبر فتحاً مبيناً وخطوة ثاتبة في الطريق المؤدية إلى تكوين المدرسة الجزائرية للتاريخ، تلكم المدرسة التي نأمل أن تستقطب جميع الطاقات الوطنية المؤهلة لإعادة كتابة تاريخ الجزائر بعد تخليصه علمياً وأكاديمياً، ومن كل ما علق به من تشويه وتحريف وتزييف؛ وإنما تشكل لمهمة شاقة لا تكتفي بصبر الباحثين وإرادة السياسيين ولكنها تتطلب فوق كل شيء وزيادة على الثقة في النفس، إيماناً صادقاً بالمسؤولية وقدرة فائقة على كسر الحواجز الوهمية التي أقامها المستعمر بيننا وبين ماضينا التليد الذي ما أحوجنا إلى توظيف جوانبه الإيجابية والسلبية على حد سواء. وبهذه المناسبة أستسمحكم لحظة واحدة للترحم على روح صديقنا الباحث العلامة مولود قاسم الذي نفض الغبار عن شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل سنة ١٨٣٠م.
وفي الختام، أشكر مرة أخرى مديرية المركز وكافة العاملين به وأتمنى من جديد أن يتواصل هذا الجهد الذي أرى من خلاله نوراً هو الذي سيهدي خطانا في طريق إعادة كتابة التاريخ التي يتوقف عليها استرجاع الجزائر سيادتها واستقلالها كاملين.