الاستعمارية، فإن مرشحي حزب الشعب الجزائري قد فازوا بنصف المقاعد التي تنافسوا عليها (١١). ذلك أنهم لم يدخلوا الانتخابات إلا في خمس دوائر فازوا فيها بخمسة مقاعد مقابل خمسة لممثلي الإدارة الاستعمارية. أما في دائرتي سطيف ووهران حيث لم يسمح لهم بالمشاركة، فإن المقاعد الخمسة المتبقية قد توزعها الشيوعيون وممثلوا الإدارة (١٢). وللتذكير، نشير إلى أن الذين ذهبوا إلى قصر البربون باسم حزب الشعب الجزائري هم: الدكتور محمد الأمين دباغين، الدكتور جمال دردور والمهندس مسعود بوقدوم عن قسنطينة والسيدان أحمد مزغنة ومحمد خيضر عن الجزائر العاصمة.
ولما أدركت السلطات الاستعمارية أن جماهير الجزائر ملتفة حول حزب الشعب الجزائري فإن وزارة الداخلية قد أصدرت قراراً يغير طريقة انتخاب أعضاء مجلس الجمهورية، وبموجب ذلك القرار ألغيت الإدارة الشعبية وأسندت مسؤولية الاختيار إلى المنتخبين البلديين وأعضاء الجماعات ورؤسائها حيث البلديات المختلطة. ولقد لجأت وزارة الداخلية إلى هذه الطريقة لكون كل أولئك المنتخبين قد وقع اختيارهم على إثر حركة مايو الثورية عندما كان معظم القياديين الوطنيين في السجون، وكان حزب الشعب الجزائري قد دعا جميع الجزائريين إلى مقاطعة الانتخابات "من أجل المحافظة على مستقبل الوطن الجزائري وللتأكيد على التمسك بسياسة التحرير الوطني وعلى الوفاء لأرواح الشهداء وللمناضلين والزعماء المعتقلين"(١٣).
وأمام هذه المناورة الاستعمارية، فضل حزب الشعب الجزائري الامتناع عن المشاركة في انتخابات مجلس الجمهورية تاركاً المكان للاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري الذي استطاع أن يفوز بأربعة مقاعد من جملة السبعة المخصصة للمجموعة الانتخابية الثانية كما أشرنا إلى ذلك في غير هذا المكان.
ولم يكن قرار مقاطعة الانتخابات مفيداً للاتحاد الديموقراطي للبيان الجزائري فحسب، بل إنه شكل فرصة ثمينة لقيادة حزب الشعب الجزائري وظفها، إلى أقصى الحدود، من أجل تحضير وثائق المؤتمر وإعداد الترتيبات المادية والأدبية الضرورية لنجاحه. وبالفعل، فإن الفترة الممتدة إلى غاية الخامس عشر من شباط سنة ١٩٤٧ قد تميزت بنشاط سياسي مكثف مكن القواعد المناضلة من التفاعل مع قياداتها في معالجة سائر القضايا المطروحة على الساحة السياسية في الجزائر، كما أنه أوجد أجواء من الحماس الذي كان لابد منه لمواجهة مثل ذلك الحدث الذي دعت إليه جميع التيارات - وكل منها -