القبائلي" كمصدر للتشريع في "القبائل الكبرى" عوضاً عن القرآن والسنة (٦٥). مع العلم بأن مصطلحات "القبائل" و"القبائلي" و"القبائل الصغرى" و"القبائل الكبرى" كلها لم تكن معروفة قبل سنة ١٨٣٠ حيث كان المجتمع في أغلبيته الساحقة قبلياً.
فإذا كان هذا التنوع مصطنعاً وهو في أساسه من اختراع منظري الاستعمار الذين استهدفوا توظيفه لمنع الطاقات الوطنية الحية في الجزائر من أن تسلك
طريق الوحدة النضالية في سبيل استرجاع الاستقلال المغتصب، فكيف يطلب من حزب الشعب الجزائري أن يكيف أيديولوجيته معه؟ ولو فعل، فإنه، إذن، يكون قد وقع في فخ الإدارة الكولونيالية.
أما عن خيبة الانتظار التي جعل منها السيد محمد حربي العامل الثاني الذي أنتج "الأزمة البربرية" فإنها لم تكن خاصة بمناضلي منطقة دون أخرى، وإذا كانت فيما يسمى بمنطقة القبائل، قد أنتجت "الأزمة البربرية"، فماذا تكون قد أنتجت في المناطق الأخرى من البلاد؟ وبالإضافة إلى ذلك، فإن المدة المذكورة لم تكن فترة انتظار، بل كانت، على العكس، كلها إعداد واستعداد كما ذكرنا ذلك في الجزء المتعلق بالمنظمة الخاصة. وإذا كان لابد من تحديد فترة للانتظار الممل، فإنها تكون تلك الممتدة من سنة ١٩٤٩ إلى غاية اندلاع ثورة نوفمبر سنة ١٩٥٤. صحيح أن حزب الشعب الجزائري، مثل سائر التشكيلات السياسية في العالم، قد عرف، في بعض مراحل حياته صراعات داخلية حول موضوعات مختلفة، لكن ما يسمى بالأزمة البربرية لم يكن واحداً من تلك الصراعات التي هي ضرورية لتحقيق النمو والتطور، بل أن أدلة كثيرة تبرهن على أن التخطيط لها كان من خارج الصفوف وهو يهدف، بالدرجة الأولى، إلى خلق المشاكل المصطنعة التي تكون قادرة على عرقلة المسار النضالي الذي يتوقف نجاحه على وحدة التوجه ووحدة الهدف. وإذا كنا لا نستطيع، هنا، سرد جميع الأدلة، فإننا نرى ضرورياً التوقف عند ما يلي:
١ - إن الذين تصدوا للمؤامرة بشتى الوسائل كلهم من أبناء ما يسمى بمنطقة القبائل الذين لا يستطيع المزايدة عليهم أحد. فالسيد بلقاسم راجف، الذي قام بالدور الحاسم في تلك المواجهة، كان يحظى باحترام كبير في أوساط المغتربين الذين كان رشيد علي يحيى وجماعته يعتقدون أنهم يشكلون قاعدة متينة لحركتهم، لأجل ذلك فإن العملية سرعان ما خبت نيرانها ولم ينجح المتآمرون في إرساء قواعد ما أسموه يومها بحزب