أدبيات الحزب الشيوعي. "فالجزائر ليست عربية .. وعروبتها ادعاء باطل يتنكر لوجود العناصر البربرية والتركية وغيرها .. وليس صحيحاً ما ينسب للإسلام من دور أساسي في تحديد الهوية السياسية الجزائرية .. ولأجل ذلك يجب أن تكون اللائكية هي السائدة في برنامج حزب الشعب الجزائري". (٥٩).
والحقيقة أن منظري الاستعمار الفرنسي يلتقون مع الشيوعيين الفرنسيين والجزائريين حول مكونات الأمة الجزائرية. فالأوائل يعتبرون شمال إفريقيا مهداً للكنيسة والبربر حماة لهم وهم، أي البربر يختلفون كلية عن العرب كما جاء ذلك في "رسالة الجزائر" التي كتبها Alexis de Tocqueville(٦٠) يوم ٢٣/ ٦/١٨٣٧. أما جول فيري Jules Ferry(٦١) فقد أمر الحاكم العام بضرورة الإسراع في فتح أكبر عدد ممكن من المدارس في منطقة القبائل الكبرى لأنها "الأكثر استعداداً للاندماج نظراً لطبع السكان وعاداتهم وتقاليدهم"(٦٢) وبتاريخ ٢٣/ ٨/١٨٩٨، عندما أنشئت المندوبيات المالية، قررت الإدارة الاستعمارية أن يكون هناك فرعان: عربي وقبائلي للتدليل على أن ثمة جنسين متعايشان في الجزائر. وأما الشيوعيون، فإنهم ظلوا، إلى نهاية الأربعينات من هذا القرن، متشبثين بنظرية أمينهم العام السيد موريس توريز التي سبقت الإشارة إليها ولا داعي إلى التوقف عندها هنا.
من هذا المنطلق، نستطيع القول إن ما يسمى بالأزمة البربرية إنما هي تعبير، بأسلوب مغاير، عن موقف اللائكيين والشيوعيين المنادي بمحاربة العروبة والإسلام، ومما لا شك فيه أن ذلك الموقف ناتج أساساً عن تأثير الثقافة الغربية في أصحابه الذين زاد في تعصبهم جهلهم المطلق للدين الإسلامي.
إن السيد محمد حربي في معالجته لهذا الموضوع يذكر أن من العوامل التي أنتجت "الأزمة البربرية" فشل حزب الشعب الجزائري والحركة من أجل انتصار الحريات الديموقراطية في وضع إيديولوجية تتلاءم مع التنوع الجزائري، وخيبة الانتظار أمام التعبئة السياسية التي عرفتها سنوات ١٩٤٥/ ١٩٤٩ (٦٣) فهذا الحكم غير صحيح لأنه يعتمد على واقع مزيف أوجده الاستعمار، في الأساس، لضرب دعائم المجتمع الجزائري، إذ أن التنوع الذي يتحدث عنه السيد محمد حربي ليس طبيعياً بل هو مصطنع والمقصود منه كما يعترف بذلك السيد Emil Masquray مدير مدرسة الآداب في الجزائر "وهو محاربة الإسلام عدونا الأبدي"(٦٤) ولتجسيد التمايز في أوساط جماهير الشعب الجزائري، بادرت الإدارة الاستعمارية منذ سنة ١٨٥٧ إلى ترسيم "العرف